زيارة شبكة الألوكة
{ "*وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ * (42/ إبراهبم}

الأربعاء، 27 أبريل 2011

العيون الجميلة في عيون المغاربة




كشفت الأحداث الأخيرة في العيون عن حقائق عظيمة ومثيرة،فقد توحدت مشاعر المغاربة جميعهم تجاه قضاياهم الوطنية،حيث عبروا عن استعدادهم للدفاع عن علم وقيم وطنهم,واستنكر العام والخاص منهم ما حصل في المدينة  من تخريب لمصالح المواطنين،وما عرفته من تطاول على سلامتهم وأمنهم، وهم ينددون ويشجبون محاولة بعض الجهات تشويه صورة بلدهم الأبي،كما فطنوا لما تحبكه هذه الجهات من كيد ودسائس،من  منطلق توظيف حقوق الإنسان أسوأ توظيف،ولم يكن الهدف من هذا التوظيف سوى تمكين خصوم الوحدة الترابية من تحقيق نواياهم الخبيثة..
لا لتثبيط العزم ...!لا لإضعاف الحزم ...!!لا لتكبيل الأيدي....!!!
   وقد تأكد للعالم مرة أخرى أن المغرب على حق في قضيته،وأن خصوم وحدته الترابية على باطل واضح المعالم،لذلك يلجأ الأعداء إلى الأباطيل والأكاذيب والتزوير لتأييد مواقفهم القذرة.
ولا عبرة بتوصيات وقرارات إرضاء الخواطر المبنية على الباطل والمصالح الضيقة.
إنه لأمر غريب أن تصدر قرارات من هذا القبيل من مؤسسة تؤمن بالوحدة والديموقراطية بدعوى الحفاظ على التوازن الدولي.
ولكن ما تجهله هذه المؤسسة أن التوازن إنما يتحقق بمراعاة حق بلد يتبنى السلام ويبدي حسن النية ويحترم حقوق الإنسان ويختار الحوار كأحد خياراته وقناعاته الكبرى، ولا يمكنه أن يتنازل عن حقه تحت ضغوطات من أي جهة إقليمية أو دولية.
والملاحظ أن هذه الأحداث المتتالية والمتسارعة،وما تخللها من تدخلات مقبولة وجائرة،أفرزت اتجاهين إثنين لا ثالث لهما:اتجاه المكر والإجرام والأعمال العدائية،واستخدام الزور والتلفيق والكذب كوسائل لتضليل الرأي العام.وخط الحق الذي يوظف الوسائل المشروعة لتأكيد وتعزيز المطالب المشروعة،وهو الاتجاه المنتصر طال الزمن أم قصر. 
الهمُّ واحد والمقصود موحد،وهو أن ينتصر المغرب ويحالفه الظفر والمجد للأبد،ويكون له شأن وشأو في الرقي والسؤدد،وهو هم الجميع،ولا فرق بين المقيم في الوطن والمغترب،ولا بين من يفترش الحرير ومن يفترش الحصير،ولا بين من يرتدي الاشكال ومن يرتدي الأسمال،وسواء يقطن القصور ويعتلي البروج أو تأويه المهاوي والحفر،وسواء كان يملك المجوهرات أو يملك المقوقعا..,فالهم واحد،لأن الوطن لجميع بنيه كيفما كانوا وأينما وجدوا...

الصحراء في فجرها الموعود
محمد مهدي الجواهري*
¤¤¤¤¤
صحراءُ فجرُكِ موعودٌ بما يلدُ
والمغربيّون أكفاءٌ بما وَعَدوا
على جبينِكِ من نضحِ النُّجوم ندىً
وفي رمالكِ من حبّاتِها نَضَدُ
وأنت، من وطنٍ يُصفيك مهجتَه،
دمٌ بتامورِه تُستْصلح الكبدُ
صحراءُ يا حسرةً مكمودةً عَنَتاً
مهلاً فكم فرحةٍ وافى بها كَمَدُ
ستَحْمَدين على العُقبى حلاوتَها
كما تَقَطَّرَ بعد العلقم الشَّهَدُ
لابدّ فوقَك يوماً خافقاً عَلَمٌ
يضُمّ شملَ بنيه أينما وُجدوا
يَحمون ساريةً تُعليهُم شَرَفاً
وَرفْرفا منه يُدنيهم إذا بَعُدوا
صحراء، كم رثّةٍ ضمّت معالمُها
ما ينفعُ الناسَ خيلتْ أنها زَبَدُ
حتى إذا بان لمحٌ من معالمِها
مُدّت إليها من السِّتّ الجهات يدُ
صحراء، لا يعدِل الدنيا وزُخْرُفَها
إلاّ النقيانِ منكِ: الروحُ والجسدُ
ساءلت نفسي بما يَعيا الجوابُ بهِ
وما أُريدُ له عذراً فلا أجدُ
ما بالُ ” مدريد ” تشكو العُسْر مِعْدتُها
وتستزيدُ بما لا تهضمُ المِعَدُ
أتشربُ البَحر في حُلقومِها عَلَقٌ
وتقضَمُ الصخرَ في ” أسنانها ” دَردُ.
ويسخرُ الخلقُ منها إذ يرى عَجَباً
صحراءَ مَزروعةً بالموت تُزدردُ
فرّتْ بأجنحةٍ شُدّت بجانِحها
فلتنفردْ نحونا إبّانَ ينفردُ
لنا غدٌ يتحدى الطامعين بنا
وعندها ما يُسرّ الطامعين غدُ
لم يكْسُنا الزهوَ أيامٌ بها سَلَفَتْ
فهل ستُبْطِرُها أيامُها الجُددُ
لنا عليها من ” الحمراءِ ” شاهقةٌ
لم يُلف أروعَ منها زينةً وَتِدُ
كَأنها في رُبى ” غِرناطةٍ ” شَفَقٌ
مدى الأصائل باقٍ سِحرُه أَبَدُ
تَزيد عن كل ما أبقى تُراثُهُمُ
وإن همُ انتقصوا منها ولم يَزدوا
يبني الحضاراتِ عجلانٌ يزخرفُها
فتُستَردّ، ويعليهن مُتّئِدُ
عوّذتُ شعْبَكِ يا مدريدُ من نَكَدٍ
لو لم يكن من صنيع الساسةِ النَّكدُ
قد شدّ ساعدُنا المبسوطُ ساعدَه
لو ارتخى عنه حبلٌ مُبْرَمٌ مَسَدُ
وخيرُ مَنْ مجَّ طعمَ الاضطهاد فمٌ
ما انفكّ يَسقيه كأسَ الذلّ مضطهِدُ
من مبلغُ السادة العُميانِ أَرْهَقَهُمْ
حِرمانُهُمْ، وتَعاصَتْ فيهم العُقَدُ
عَموا ومذ بَصُروا بالدَّربِ مشرعةً
صَمّوا، فما افتقدوا شيئاً ولا وجدوا
إنّ الليالي عجيباتٌ بها حَرَنٌ
لمُسْلِسينَ، وأسلاسٌ لمن صَمَدوا
مشى عليهمْ فهم في قَعره صببٌ
ركبٌ من الدهر حثٌّ سيرُهُ صُعُدُ
وما يحول الضَحى لوناً ولا شِيَةً
ولا السماءُ ولا الصبحُ الذي تلدُ
وإنما هي صفوٌ عند ذي بَصَرٍ
صافٍ، وربداءُ في عينٍ بها رَمَد
يا حارس الوطنِ المرهوبِ جانبُهُ
عليه مما بنى تاريخُهُ رَصَد
وراكزَ الراية ” الخضراءِ ” خافقة
على الصُّفوفِ زهاها العدّ والعُددُ
فاءتْ إليك بما ضمّت وما تلد
كما يفيءُ لظلّ الوالدِ الولدُ
صحراءُ يُوحشها عيُّ الذئاب بها
وتَطَّبي سمْعَها أن يزار الأسد
غضبانَ رُدّت على اليافوخ عُفْرَتُهُ
وارتجّ غيظاً على أكتافه اللِّبد
ينهى لمن كان في سهل وفي جَبَل
ألاّ يحوم حوالَيْ غابِهِ أحد
واستشفَعَتْ بكَ للسُّقيا مطامِحُها
محلآتٍ عن الحوض الذي تردُ
واستنجدتْ بك أن تحصي مصايرها
بذاك عوّدها آباؤك النُّجُدُ
تمضي على سَنَنٍ منهم وعن ثقةٍ
وملتقى فرقدٍ عن فرقدٍ صَدَد
شهِدتُ يومَك مِرنانَ الصّدى عَرماً
يحتجّ من سمِعوا عنه بمن شَهِدوا
غامت، كما اسودّ كانونٌ، سماوتها
ولحتَ فيها كضوءِ الجَمْر تتّقدُ
شهما تُنفِّضُ عن بُرديكَ غُبْرَتَها
وقد توالت بناتُ الدهرِ تحتشد
وكان فَصْلَ خطابٍ، فيه ملحمةٌ
من البيان، وفيه الهَدْيُ والرشد
ما كان أبرعَهُ مزجاً تصبُّ به
مُرّ الوعيد على حُلوٍ بما تَعد
شَهَرْتَ أمضى سلاحٍ لا يقومُ له
لا المرعداتُ، ولا المحميّةُ الزَّرَد
ما أعظم الشَّعْبَ يرمي عن كواهلهِ
عِبْءَ الخلافِ لدى البلوى ويتّحد
زففت بالعودة البُشرى لتُربتها
ومَنْ عليها، فكلٌّ صادحٌ غرِدُ
أنعشت منها فؤاداً ظلَّ محتبساً
لدى الدخيل كئيباً فهو يُفتأدُ
صحراءُ محزونةٌ أن يَستبدَّ بها
نوىً فتفقِدُ من تهوى وتُفْتَقَدُ
وأن تُغادَرَ أوصالاً ممزَّقةً
وأن يُطَنَّ لها عن ساعدٍ عَضُد
غمّت عليها رؤىً كانت تطوفُ بها
جَذْلى من الوطن الغالي وتَنْعَقِدُ
تمتدُّ بالعينِ حتى لا مَرَدَّ لها
ولا مسافٌ، ولا بُعدٌ ولا أمدُ
وبُدِّلت غبشاً أطيافُ بهجتها
كما تُبدَّلُ بؤساً عيشةٌ رَغَدُ
كانت تلمُّ عناقيداً معرشة
من النجوم بمرج معشبٍ تَقِدُ
وتَسْتريحُ إلى نَجْوى الرياحِ بها
تخالُها صوبَ أرضٍ حلوةٍ تَفِدُ
واليوم واحاتُها قفرٌ، ونَسْمَتُها
صَرٌّ، وكلُّ مسيلٍ فوقَها جَمَد
ولم أجِدْ كسليبِ الأرضِ حاردةً
محمومةً، بالدم الحرَّان تبترد
تُسقى، وتُسقى وما تنفكُّ عاطشةً
وليس ينفكُّ من يسقى ومن يَرِدُ
حتى إذا استُرجِعَتْ عادت بشاشتُها
وعاد زهوَ الحياةِ العابسُ الحرِدُ
مشى إليكِ يُجِدُ البَيْعَةَ البلَدُ
عليكِ في الخطب بعد الله يعتمدُ
يُلقي بأثقلِ حملَيْهِ على كَتدٍ
من عاتقيك إذا ما خانه كَتَدُ
واستعصمت بك أحزابٌ وقادتها
يلتفّ مقتربٌ منهم ومبتعدُ
عيدُ الإخاء جلا الباغونَ بهجتَهُ
لو جاز حَمْدُ بُغاةٍ مثلِهمْ حُمِدوا
عقائدٌ ورسالات تُلِمُّ بها
رسالةٌ يومَ لأْواءٍ ومُعْتَقَدُ
اليومَ ما اجتهدت صماءُ قارعةٌ
وفي غد فلهم فيه وما اجتهدوا
مستأمَنون على خير البلادِ مشت
للمشرقَيْنِ على أيديهِمُ بُرُدُ
أيدٍ تلاقت وأضحت في الجهاد يداً
تشتدُّ بالحسن الثاني وتعتضد
لهم وللناسِ والأوطانِ ما زرعوا
على البسيطة من خيرٍ وما حصدوا
وبورك الأمر شُورى يستقيمُ به
على عِثار الليالي نهجُه الجَدَدُ
وما الكميُّ على جيشٍ يصولُ به
مثل الكميِّ غداةَ الرَّوع ينفرد
أبا محمد سَمعاً جرس مألكةٍ
سمحاء لا زيغٌ فيها ولا أودُ
من واقفٍ في سبيل الناسِ مُهجتَه
في حبّهم يستطابُ الأينُ والسُّهُد
لم يعرف الدهرَ لا حِقداً ولا حَسَداً
وإن تشفت به الأحقاد والحَسَد
أفرغت جُهْدَك في التبليغ ما اتسعت
له العُلى، والنّهى، والحلم، والجَلَدُ
فحسبُكَ اليوم منه ما أبنت به
للكون شوكةَ عزٍّ ليس تُخْتَضد
واعمِدْ لأُخرى بما تُنْهي مناجِزةً
ليس الخصام بمنهيها ولا اللَّدَدُ
إن الطغاة إذا لاينتَهم بطروا
مثلَ الصغارِ إذا دلّلتَهُمْ فسدوا
ومنطق الحق مشلولٌ، ومُصْطَلَحٌ
خزيانُ، مُضطَهِدٌ عاتٍ ومُضطَهَدُ
لابدّ من جالةٍ تنجابُ غمرتُها
عن صامدين على حق بما وعدوا
فخل جندَك جُندَ الحق يقحَمُها
وخلّ خيلَك خيل الله تضطرد
وفي حماك صناديدٌ يضيق بهم
دِرعُ الجلادِ ويغشاهم إذا اجتلدوا
سمرُ الوجوهِ شدادٌ من شكيمتهم
ظلٌّ على التربة السمراءِ يَنعقِد
من كلّ منفتل الكشحين محتربٍ
ينسلّ كالسيف عرياناً وينجرد
لم تأل خيفةَ أشباحٍ مغاربةٍ
فرائصٌ من بني صهيونَ ترتعد
فَصِّد دماً مغربياً لا كِفاءَ له
بين الدماء زكياتٍ ولا قَوَد
دماً يَسيلُ على سوحِ الندى سَرَفأ
وإنه مثلَ دمع العين يُقْتَصَد
فصِّدْه تُنْجِد به الصحراءَ في غدها
عرقاً بأمس على الجولان يُفْتَصَدُ
يا ناثرين على البلوى نفوسَهُمُ
طوعاً، فهم كِسَرٌ في سوحها قِصَدُ
يهدون للشرق أرواحاً إذا عصفت
بهم وبالموت ريحٌ قرّةٌ صَرَدُ
وزارعينَ على بُعدٍ قُبورَهُمُ
نومَ الغريبِ على الأحجار يتّسد
طَخْياء ملغومةٌ بالرعبِ موحشةٌ
وكلُّ شاهدةٍ نجمٌ بها يقد
نهجتم الدرب سمحاءٌ شريعتُه
بالتضحيات لمن يسعى ومن يفدُ
صحراء فجرك موعودٌ بما يلد
والمغربيون أكفاءٌ بما وعدوا

*محمد مهدي الجواهري *
 
(قصيدة محمد مهدي الجواهري.تعود إلى سنة 1974)
             ********************* 

حراك اليوم وعالم الغد:
      هبَّت رياح التغيير على العالم تبعا لتطور العقول وتقدم الأجيال،ونمو الحضارات وعولمة الثقافات،ونضج في حقول السياسات،وتصحيحا لاختلالات تراكمت لعدة سنوات،فرحبت بهذا التغيير دول باعتباره قدرا محتوما،، وضرورة من ضرورات الحياة، وانخرطت في تسريع وتيرته لخير الأفراد والمجتمعات،في حين رفضته دول أخرى فأدرجته في خانة المؤامرات، هدفه ليس إلا تهديد الاستقرار والسكينات،وتقويض صياصي الممانعة والسيادات،مما جعلها تواجه الثورات بالحديد والنار،سعيا منها لإقبارها في مهدها ووأدها في عهدها وطمس معالمها، والحال أن هذه المزاعم وما تنطوي عليه من زيف لا تنطلي على أحد من ذوي الألباب.
ومن قبل كانت جهود المصلحين تتحطم على جدار الخوف والصمت وترهيب أعداء التغيير،حتى تحول كثير من هؤلاء المصلحين إلى مفسدين لينالوا حظهم ويخلصوا أنفسهم من زنازن التهميش والإقصاء،ومن أحلام اليأس وحياة البؤس والشقاء,بل منهم من يظهر اهتمامه بالمصالح العامة والقضايا الوطنية، حتى إذا كان له وزن باع نفسه بأبخس الأثمان،فضاعت بذلك المواطنة في متاهات الفساد،وذهبت الثقة ضحية الذئاب اللئام،واختفت المصداقية في ظلمات الأنفاق المسدودة.
وأما اليوم فصارت لدى الشباب قناعة بضرورة التغيير نحو الأفضل،بل كانت لديهم الشجاعة لمجابهة العراقل والعقبات بصدور عارية وهمم عالية،وعزائم تخرق السماءوتمخر اليم وتنسف الجبال،وذلك أن المرء حينما يتبوأ مقام الإيثار والتضحية،فلايهمه ما يربح وما يخسر في هذه الدنيا الفانية،وإنما يهمه أن يخلد اسمه بين الصالحين،ويحظى برضا رب العالمين، ويعد محظوظا يوم الدين،يوم لا ينفع مال ولا بنون،إلا من أتى الله بقلب سليم.
نعم،إنهم شباب ليسوا نخبة ولاصفوة،وإنما هم متنورون من شرائح مختلفة ومشارب متنوعة وأطياف شتى،حيث يجمعهم هم واحد وهو دفع عجلة الإصلاح والتقدم إلى الأمام،فتشرق شمس الحرية ويطلع نهار الديموقراطية ،وينتشر نور الثقة والمصداقية، ويغيب ليل الطغيان للأبد،بحيث لا يسدل غياهبه أو يبث رعبه أبدا.
ولم تكن كل البلدان في حاجة إلى ثورات عنيفة تتطلب قلع الجذور وقلب الأوضاع رأسا على عقب،فهناك ثورات سلمية هادئة،تشكل مناسبة لرفع وتيرة الإصلاحات وتسريعها، وكسر الجمود في الاقتصاد والتشغيل، والتخفيف عن المعاناة اليومية للأفراد، والتوسيع من هامش الحريات، وتمتيع المواطن بما يستحق من كرامة وعدالة اجتماعية، والعمل على إشاعة أجواء الرضا رغم ضيق الحال.
ما أعظم أن تتضافر جهود الجميع في اتجاه الإصلاح، فيساهم في تنزيله إلى الواقع كل بما يطيق بعيدا عن الفتنة والشحناء،وحرصا على  سلامة البلد والوطن،فلا تخريب يحدث ولا أزمة،ولا غالب يطغى ولا مغلوب،وإنما الغالب هو الحق والعدل والصدق في المواطنة....
لئن كانت الهَبَّات الشعبية في بعض الأقطار العربية بمثابة عواصف هوجاء،حيث تثير النقع والزوابع، وتزحزح الغث والهشيم,وتزعزع الثوابت والمواقع،وتستبيح الحصون والقلع،فإن الحراك الشعبي في المغرب نسيم عليل،إذ حمل معه الرحيق والشذى والخير العميم،وهو بكل هدوء ينفض الغبار عن الأكاليل،وينفذ إلى الثرى بِطَلِّه ليروي البذور،بحيث تستعيد الأرض رونقها متأهبة لربيع جديد،بعد أن تخلصت من ملامح القحط والجدب..........
نساء ورجال المرحلة قادمون،بعد أن تألقوا في معركة ديموقراطية نزيهة، وبعد مسيرات في درب النضال سنين،ففتحت صفحة جديدة ناصعة بياضها،وتعالت أصوات التكبير والتهليل والترحاب،واستبشر العالم خيرا وهناء،وترقَّب الكل بركات من السماء,تعمُّ المرحلة وتثمر للأجيال القادمة،فردد الكل حمدا لله على ما جاد وأنعم،حمدا لله لم يخيب الرجاء والدعاء,الله أكبر،هؤلاء ندبهم الوطن فقاموا وتقدموا،وشرفهم فتواضعوا واستقاموا،وكلفهم فهبوا وتأهبوا,ولم يندبهم لينقذوه لأنه لم يكن في أزمة وسكتة قلبية،وأنما دعاهم ليواصلوا البناء وإصلاح الأحوال،ويضيفوا لبنات بناءة للحضارة الإنسانية ،ويكرسوا الحكمة والحكامة، وينشروا الثقة والمصداقية،ويشيعوا أجواء الرضا والسكينة،ليكونوا خير خلف لخير سلف..
فإذا وصلتم اليوم فالطريق ما زالت طويلة،وإذا ناضلتم من قبل فمرحلة النضال الأكبر أمامكم،آن الأوان لأن تعدلوا في الحكم وتتجمعوا لخير الوطن والحرية،والدستور الاجتماعي، وتتحركوا من أجل الشعب في الحاضرة والبادية،وتتقدموا ولا تتأخروا متحدين ضد الظلم والرجعية والتهميش والرأسمالية الوحشية.. سداسي الوفاء كفء بما وعد،وجدير بالمرحلة وإن شاء الله تعال عند حسن الظن ..
**********************************             
حَمْرا ءُ ماتَوَدَّدَ إليك وما أنصف
الذي أسدى إليك الجمراتْ

أذرفت سَمَاك الدمعَ والعَبَرَات
وأسال الدمُ من مَهْدك القَطَرَات
وهوَت النجومُ من شدة الحَسَرَاتْ
فاختلط الدَّمُ والدموعُ فسقتْ
جروحا لا تدَمِّلُهَا السَّنوات
واهْتَزَّتْ مشاعرُ الجِنِّ حتَّى
أنْذرتْ برجوع البؤس والجَبَرُوت
وهال الإنسَ ما رَأَتْه أعينُهُمْ
وقلوبُهُم تَئِنُّ مِنْ حدةِ الصَّدَمَات
والشَّمسُ ظلامُ الحُزْنِ يَحْجُبُهَا
فأسدَلَ الَّليْلُ ظلَامَه قبْلَ الأَوَانِ
أنتِ مكمُودَةٌ حقًّا أَيَّمَا كَمَدِ
ما دهاك لاتستوعبه الكلمات
صنيع يبقى في ضمير الحياة
لا ينمحي من سجل الذكريات
وشقَّت أصوات التنديد كل مكان
وتعالت أصداؤه عبر القنوات
وابتهل المصلون إلى رب السماوات
اللهم إن هذا أنكر المنكرات
لا يستسيغه عقل سليم ولا شريعة
ولا يمُتُّ إلى شرائع الله بالصلات
هاهنا في الدنيا أيد آثمات
تستبيح في الأرض الحرمات
رب إن لم تأت منك الرحمات
يظل جسم الإسلام تنخره الصعقات
جهل مخيف تراكمت له التبعات
فقاد إلى جحيم من عذاب وويلات
عدالة الله لا بد أن تحكم قبضتها
وتأتي على كل ظالم وكل عات
   ****************************          حسن