زيارة شبكة الألوكة
{ "*وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ * (42/ إبراهبم}

السبت، 31 أغسطس 2013

الوضعيةـالمشكلة


الوضعية-المشكلة
في مادة التربية الإسلامية
تقديم:
يؤكد أغلب الخبراء التربويين(الغربيين خاصة)علي كون الوضعية المشكلة ذات دور مركزي في طرق التدريس وفق مدخل الكفايات ,لكن علي مستوي واقع العمل في المدرسة المغربية ما يزال توظيفها شبه غائب,وفي مادة التربية الإسلامية خصوصا شبه منعدم, وهذا يدفع إلي طرح التساؤلات التالية:هل يعزي السبب إلي سوء الفهم؟ أمرده إلي صعوبة التطبيق؟ أم يرجع إلي توقف الدراسات والبحوث عن مواكبة التحليل المنهجي والتنزيل العلمي للتدريس بالوضعية المشكلة.؟
إن هذه ورقة أولية تحاول مقاربة المسألة بمقترحات عملية قابلة للتطوير والتعديل,وذلك عبر محورين:
-المحور الأول:توظيف الوضعية-المشكلة في مادة التربية الإسلامية..لماذا؟                                          إن تخصيص القول بمادة التربية الإسلامية راجع إلي عدة أسباب منها:
*تعزيز أكـثر لمكانة المادة في المنظومة التعليمية.
*إظهار قابليتها لمواكبة كل المستجدات التربوية علي الساحة العالمية.
*الغياب شبه التام لتناول الموضوع بخصوص المادة.
*قصور التصور الواضح عن الكيفية الصحيحة لتوظيف الوضعية المشكلة.                                       ونرى أن مطلب توظيف الوضعية-المشكلة في مادة التربية الإسلامية يرتكز علي ثلاثة أسس:
1/ الأساس التصوري:
إذا علمنا أن المعرفة في الإسلام مرتبطة دائما بما تتحقق من أثر عملي يخدم مصلحة الإنسان في عاجله وآجله,تبين الكفايات المقصودة  في مادة التربية الإسلامية يجب أن تلتزم المنهجية المناسبة المحققة للمقاصد الكبرى للمعرفة في الإسلام.ومن ثم كان أنسب المنهجيات في التدريس هي منهجية التدريس بالوضعية-المشكلة.
   إنها تحمل المتعلم على اكتساب المعارف الإسلامية كسبا متيسرا وفعالا,وتجعل المعارف والقيم شأنا ذاتيا,وتهدم الهوة المفتعلة أو النفاقية بين الاعتقاد والعمل,وتبعد الوهم الشائع عن الدين في كونه ذا مطالب مثالية لا يستطيع تطبيقها إلا القليل من الناس وفي ظروف معينة خاصة.
   إن التربية على قيم الإسلام وعقائده الربانية تجاه الإنسان والكون والحياة لا تثبت فعاليتها إلا صارت سلوكا أو عادة ذات طابع شخصي,ولا يتم هذا النقل التربوي إلا عبر مرحلة "التطبع"أو"التكلف" حيث يحمل فيها الإنسان على الالتزام بالقيمة تصورا ووجدانا وسلوكا,وحيث يذوق لذتها ويحمد غيها,ويلمس إمكان أن تكون جزءا من شخصية لا تكمل إلا بها.ولعل هذا ما يشير إليه قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما العلم بالتعلم".
     وعلى هذا يتأسس مطلب التدريس بمنهجية الوضعية-المشكلة بهدف امتلاك الكفايات الممتدة والنوعية المستهدفة من مادة التربية الإسلامية.
2/الأساس البيداغوجي:
    لقد أصبح معلوما ومقررا أن مدخل الكفايات خيار أساسي في البناء التعليمي بالمدرسة المغربية,ولا يخفى أن هذا ناتج عن التأثر بمنتجات الخبرة التربوية الأوروبية التي استمدت هذا المفهوم بدورها من أدبيات المقاولة.
   وإذا عدنا إلى أعمال الخبرة الفرنسية خصوصا في هذا المفهوم نجدها تجعل الوضعية المشكلة طريقة أساسية في التدريس,لما بين هذه الطريقة والكفايات من علاقة مركزيةٍ,فلا عجب أن ترى المؤلفات الكثيرة العامة والمتخصصة في مادة معينة,وأن تجد مواقع خاصة بالكفايات وبالوضعية المشكلة.ولكن الغريب أن تجد المكتبة المغربية فقيرة في هذا الجانب.بل لا تكاد تجد كتابا خاصا بالوضعية-المشكلة وطرق توظيفها في التدريس بصفة عامة أوخاصة بمادة معينة,وان وجدنا بحوثا متفرقة من الناحية النظرية خصوصا في الوثائق الرسمية الصادرة عن الأكاديميات الجهوية بالمغرب في إطار برامج التكوين المستمر غير أن أغلبها يقف عند
حدود الترجمة في الغالب.
إن نقص الكتابات والبحوث التربوية في مجال الكفايات وعلاقتها بالوضعية المشكلة خصوصا علي المستوي العملي لمن أهم  الأسباب-في نظرنا-في عدم تحقق الآمال التي كانت معقودة علي هذا المفهوم منذ سنين.
إن مقصود التربية في الإسلام هوأن يكتسب المتعلم ما يفترض أن يبني شخصيته المتكاملة في مستقبل حياته المهنية أو الجامعية
والتلميذ عندما يبني معارفه ويكتسب كفايته ذاتيا عبر بيداغوجيا الوضعية-المشكلة يكون أقرب إلي امتلاك الأهلية الكافية والقابلة
للنمو في مواجهة وضعيات متجددة.لأنا قد لا نضمن بقاء المعلومات كاملة,ولكن قد نضمن إلي حد كبير ترسخ الكفاية الأهلية الإستراتيجية لاتخاذ المواقف,سواء منها الكفايات الممتدة أو النوعية.
إن الوضعية المشكلة تحشر التلميذ غمار المهمة التي يحس خلالها بأنها جزء منه.يستدعي لها كل طاقته لمحاولة الإنجاز.إنه يقتنع أن
 المعرفة ليست أمرا خارجا عن ذاته ينتظر أن يتلقاها جاهزة من خبير أكثر منه علما أو سنا, وإنما منبعها الأصلي من ذاته هو, وأن
عليه فقط استكشافها واستثمارها في الظرف الخارجي الضروري الذي هو الوضعية المشكلة .
ولعل تغير طرائق التدريس عبر اعتماد منهجية الوضعية-المشكلة جزء لايستهان به في تصحيح مسار المدرسة في أداء دورها
الاستراتيجي لتأهيل الشباب.
المحور الثاني:كيف نوظف الوضعية-المشكلة في درس التربية الإسلامية؟
أولا:الوضعية المشكلة و علاقتها بالكفايات
1/ الوضعية المشكلة:
هو مصطلح عبارة عن ترجمة أو تعريب لأصله الفرنسيla situation problème  ويعرفه فيليب ميريوPhilipe meirieu  الذي كان صاحب السبق في تشهير هذا المفهوم بأنه:"وضعية ديداكتية يترض خلالها المتعلم إلى مهمة لا يمكن أداؤها إلا بتعلم محدد,هذا التعلم الذي يبني حقيقة هذه الوضعية-المشكلة,ويسعى لإزالة العائق أثناء تحقيق المهمة".كما تعرف أيضا بكونها:"وضعية للتعلم يوضع فيها المتعلم أمام لغز(عائق) لا يمكن حله إلا بتعديل تمثلاته أو باكتساب كفاية كان يفتقدها".فهي طريقة التعلم تحمل التلميذ على تحمل مسؤوليته في بناء التعلم.وهو يسعى لتجاوز العائق بعد أن أحدث له رجة على مستوى تمثلاته ومعارفه,وفرض عليه أن يعبئ مكتسباته من الكفايات أو يكتسب كفايات جديدة,وأن يدمج تعلماته بشكل تلقائي ومنظم بهدف إنجاز المهمة,وتخيل هذه الطريقة في التعلم على "بيداغوجيا المشكلة" في مقابل "بيداغوجيا الجواب" التي تنبني على اعتبار أن الدرس بمحتوياته وأهدافه عبارة عن جواب أحل لمشكلة وقعت أو يفترض أن تقع.فيتلقى المتعلم الدرس/الجواب بحيث ينتظر أن يحل به مشكلة ما قد تواجهه في الواقع,الشيء الذي لا يمكن تحققه إلا بنسب ضعيفة جدا متوقفة على شروط خاصة.ومرد هذه الصعوبة إلى أن المتعلم يحتاج مرة أخرى إلى أن يتعلم كيف يعبئ الجواب المطلوب في الوقت المناسب بمعنى أن يكتسب الكفاية الضرورية.
2/علاقة الوضعية-المشكلة بالكفاية:
  إذا كانت الكفاية تعني كما عند روجيي"إمكان تعبئة مجموعة من الموارد بكيفية مستنبطة(تلقائية)بهدف حل فئة من الوضعيات/المسائل."فلا يخفى أن الاشتغال الأساس للكفاية إنما هو على الوضعية-المشكلة.كما تدل على ذلك بحوث الخبراء التربويين.فالتدريس بالوضعية المشكلة هو الذي يكسب المتعلم استراتيجيات  حسن التصرف عند مواجهة وضعيات الحياة العملية والمهنية المتنوعة.
ثانيا:مكونات الوضعية المشكلة. 
 تتركب الوضعية-المشكلة حسب De Ketel من ثلاث مكونات هي:دعامة ومهمة أو مهمات/أنشطة وتوجيه.
1-الدعامة:مجموعة من العناصر المادية التي تقدم للمتعلم:نصوض مكتوبة أو مصورة-أدوات-صور...وتحدد بثلاثة عناصر:
-المجال الذي يصف البيئة التي يوجد فيها.
-المعلومات التي سيعتمدها المتعلم،وقد تضم حسب الاحوال معلوملت غير كاملة أو زائدة أو مشوشة.
-الوظيفة التي تحدد في أي هدف يحقق المنتوج.
2-المهمة:وهي العمل المطلوب إنجازه لتجاوز العائق.
3-التوجيه:مجموع التعليمات المرشدة للمتعلم لتسهيل المهمة...وهنا ننبه إلى أمرين:
أحدهما:يتبين من تعريف الوضعية المشكلة أنها وضعية تعليمية وديداكتيكية بالأساس،بمعنى أنها أساس بناء الدرس كله،غير أن أكثر البحوث الصادرة من الأكاديميات المشيرة إلى مفهوم الوضعية المشكلة تقف عند حدود التعريف وتحديد العناصر،ولكنها عند التمثيل تميل في الأكثر إلى اعتبارها مجرد منطلق الدرس بمعنى أنها تقف عند عرض المشكلة.
الثاني:أن الوضعية المشكلة لا تكون في التقويم لأنها مفتوحة وتتعلق بمهمة تتطلب كفايات جديدة،بينما التقويم يختبر مدى تحقق الكفاية المكتسبة.
ثالثا:أساسيات التدريس بالوضعية المشكلةالمشكلة.
1-يستلزم هذا النوع من التدريس اعتماد بيداغوجيا المجموعات حتى يتحقق شرط التعلم التعاوني،ويتكامل جهد المتعلم مع أقرانه في بناء الكفاية المقصودة من الدرس.
2-أن يتمتع المدرس بالكفايات الضرورية في فن التواصل وتدبير التعلم المتمركز حول المتعلم.
3-توفر البيئة التعليمية المناسبة( عدد التلاميذ-طاولات-أجهزة العرض الرقمية...)وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأساسيات هي فيرالوقت نفسه تحديات أمام التدريس بالوضعية المشكلة في ظل الأوضاع غير الملائمة في نظامنا التعليمي.
وإنما المعول على اجتهاد المعنيين في البحث عن الطرق والكيفيات المناسبة.دافعهم في ذلك الرغبة المخلصة في إرساء دعائم المادة أمام الدعوات-في الداخل والخارج-المناهضة لوجودها أو رسوخها.
رابعا:مقترح تخطيط درس بالوضعية-المشكلة بالمستوى الثانوي التأهيلي.
نتقدم بهذا المقترح مستفيدين من الخبرة الفرنسية العملية في تخطيط الدرس وتقديمهبالوضعية-المشكلة،وبعد أن قمنا بتجريبه بمستوى الجذع المشترك شعبة الآداب،وكانت له نتائج ملموسة،على الرغم من الصعوبات الكثيرة على مستوى البيئة التعليمية.
أ-على مستوى الإعداد:
+الكفايات.
-تحديد الكفاية النوعية المقصود اكتسابها من الدرس ضمن الكفايات النوعية للوحدة.
-تحديد الكفايات المكتسبة في المادة أو في مواد أخرى قصد البناء عليها.
-تحديد الكفايات الممتدة المقصود تنميتها من خلال الدرس.
+صياغة المشكلة:
°أن تكون ذات معنى لدى المتعلم بأن تكون:-مستمدة مما يعانيه أو يعايشه المتعلم اجتماعيا أو اقتصاديا أو نفسيا.-ومتعلقة بتطلعاته وآماله-وتناسب مستواه العقلي والنفسي والتعلمي.
°أن تعرض تحديا/عائقا يدفع المتعلم إلى أن يصحح تمثلاته عن الموضوع-وأن يكتسب الكفايات الجديدة المطلوبة لحل المشكلة-وأن يتخلخل توازنه أمام دهشة المشكلة.
+الدعامة:
الأستاذ:أحمد عروبي-التعليم الثانوي التأهيلي.  

خطوات درس مستند إلى وضعية-مشكلة:
-الأولى:
التقويم التشخيصي
التمهيد للدرس الجديد.
-الثانية:
بناء الوضعية المشكلة:
 من اقتراح المدرس أو التلاميذ أو مأخوذة من الكتاب المدرسي.
-عرض  الوضعية المشكلة:
 تعرض بشكل بارز وتقرأ عدة مرات لضبط مكوناتها ومعرفة سياقها والهدف منها.
-تملك الوضعية المشكلة:
 التأمل فيها وتحليلها ودراستها عن طريق أسئلة استكشافية.
 فهم سياقها وفهم المهمة أو المهام المطلوبة عن طريق التعليمات المصاحبة لها.
-صياغة فرضيات الحل:
 تجمع مقترحات فرضيات الحل عن طريق تقنية العصف الذهني جماعيا وتدوينيا.
 ترتب المقترحات وتصنف
 يستبعد منها ما ليس موافقا للشرع أو المنطق.
 تحدد تحديدا نهائيا الفرضيات المتبناة جماعيا كفرضيات للحل.
الثالثة:
اكتساب التعلمات المساعدة على اكتشاف الحل من خلال:
 -قراءة النصوص ومعالجتها وفهمها.
 -معالجة المفاهيم المركزية للدرس.
 -تحليل النصوص وااستخلاص المضامين والقيم المركزية.
 -تحليل محاور الدرس المقترحة بالكتاب المدرسي بالتركيز على المعارف الخادمة  للحل.
 -استخلاص الخلاصات على شكل رؤوس الأقلام في علاقة بالوضعية.
 -تقويم تكويني/أسئلة مركزة وهادفة إلى التأكد من امتلاك التلاميذ لمفاتيح حل الوضعية
الرابعة:
تطبيق المكتسبات:
 -استعراض الحلول الممكنة باستثمار المكتسبات الجديدة بشكل جماعي.
 -تصنيفها وترتيبها واستبعاد الحلول غير المتوافقة مع الشرع والمنطق
 -تحديد الحلول النهائية
 -العودة إلى المقترحة سابقا وتمحيصها والمفاضلة بينها
 -بحث إمكاثية تعميم الحلول المتوصل إليها على وضعيات مماثلة
الخامسة:
 -تقويم إجمالي للدرس
 -الإعداد القبلي.