زيارة شبكة الألوكة
{ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) آل عمران}

الأحد، 8 يوليو 2018

النصب:حقيقته وإضاءات حوله.



خلق الله الإنسان ولم يكن من قبل شيئا مذكورا،واستخلفه في الأرض استخلافا يقوم على التشريف والتكليف،حيث متعه بحقوق وأناط به تكاليف وواجبات ،فيكون إذن امام حقوق أصلية وفرعية ،وأمام حقوق فردية واجتماعية.
بل هناك حقوق تقتضيها الظروف والمواقف،على اعتبار أن هذا الإنسان كائن اجتماعي وابن بيئته، لكن ضابطها جميعا أنها تنهض بالمسؤولية لكونها منافع حقيقية  ومصالح مشروعة ربانية.
فالله سبحانه،إذ أعطى الحقوق وكفلها لأصحابها،فإنه أحاطها بالحماية وأمر بصيانتها وعدم انتهاك حرمتها،بل يمكن اعتبارها من حدوده وشعائره التي يجب تعظيمها،قال الله تعالى"ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه"،وقال الرسول عليه الصلاة والسلام:"كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" .
وكما قد يعتدي الإنسان على حياة أخيه ودينه وحريته وعرضه وسمعته..
..،فإنه يمكن أن يستبيح ماله وينتهكه بطرق متعددة،من أهمها:النصب،وهو موضوع هذا البحث الموضوعي المتواضع،وبالله التوفيق.
المبحثI:النصب،مفهومه،والمفاهيم المجاورة له.
المطلبI:مفهوم النصب.
1-النصب لغة بمعنى المكر والاحتيال والمراوغة،أو حبل الصيد،أو ضرب من الغناء لاستمالة الغير،أو علامة تنصب عند حد معين.وهي مدلولات لها علاقة بالمعنى الاصطلاحي.
2-النصب في الشريعة.
المراد بالنصب هنا: هو ما يقوم به البعض من الاحتيال على غيره ومخادعته والتغرير به ليأخذ ما عنده من مال ونحوه متظاهراً بحسن النية مع أنه يضمر الشر في قلبه.
وأشير إلى أن أحكام النصب وردت عند الفقهاء الأولين في باب المعاملات وفي إطار التدليس والغش والاحتيال.
ومن هنا يبدو أن هذا المفهوم (النصب)مستحدث في التشريعات الجنائية العالمية للدلالة على سلوك جرمي محدد ،في حين أن التدليس والغش والغلط فهي عيوب تشوب العقد والرضا وتستوجب جزاءات مدنية أو حتى إدارية.
وأما الاحتيال فمفهوم عام، فيه ما هو جائز كالاحتيال من أجل استيفاء حق مستحق بدون قيد ولا شرط،كما يقول المثل الشعبي: "الحيلة حسن من العار"،ومنه ما هو محظور كما في حالة التدليس والنصب .
وأما الآية المذكورة في قصة يوسف فتدل على جواز التوصل إلى الأغراض بالحيل وخاصة إذا لم تخالف الشريعة ولا هدمت أصلا كما قال ابن العربي في الاحكام عند قوله تعالى: (كذلك كدنا ليوسف).

ومن المعلوم أن توظيف الاحتيال المحرم كوسيلة للحصول على غرض غير مشروع لم يحدد له الإسلام حدا معينا كالسرقة،ولكن ترك ذلك لاجتهاد الإمام أو القاضي لتقرير ما يلزم حسب كل حالة على حدة في إطار التعزير .وأما في الآخرة فالله تعالى يقتص من الظالم الذي يعتدي على أموال الناس وأعراضهم ،حيث تؤخذ حسناته وتعطى للمظلومين حتى إذا نفذت حسناته ترمى عليه سيئاتهم ثم يرمى في النار.قال الله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)          (النساء/29).
وعن أبي هريرة رضى الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( أتَدرونَ ما المُفلِسُ؟ إنَّ المُفلسَ من أُمَّتي مَن يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ، وزكاةٍ، ويأتي وقد شتَم هذا، وقذَفَ هذا، وأكلَ مالَ هذا، وسفكَ دمَ هذا، وضربَ هذا، فيُعْطَى هذا من حَسناتِه، وهذا من حسناتِه، فإن فَنِيَتْ حَسناتُه قبلَ أن يُقضَى ما عليهِ، أُخِذَ من خطاياهم، فطُرِحَتْ عليهِ، ثمَّ طُرِحَ في النَّارِ) [ صحيح مسلم].
3ـالنصب في علم النفس:
النصب هو استخدام التضليل من أجل الحصول على أموال الآخرين، أو الامتلاك بالباطل لأشياء ذات قيمة مادية عن طريق الغش والخداع والمراوغة والتمويه واختلاق الأكاذيب والمعاذير ، وتزييف الواقع والمبالغة والتهويل بجاذبية مصطنعة تشد أنظار وأسماع الآخرين بما يضمن استثارة دوافعهم وانفعالاتهم وعواطفهم ."
4-النصب في القانون:
جعل المشرع المغربي جريمة النصب قائمة الذات مستقلة عن جرائم الأموال الأخرى، حيث خصها بكيان تشريعي خاص في الفصل:540 ق.ج.م ،نظرا لتبوئها موقعاً متقدماً في مصاف الجرائم الخطيرة.ولأنها تقوم على أخذ شيء مملوك للغير والاستيلاء عليه بطريقة احتيالية،وذلك بنية تملكه ولو لم تكن هناك حيازة ولا ملكية بالفعل.
وقد نص المشرع المغربي، في الفصل 540 من القانون الجنائي على ما يلي:
“يعد مرتكبا لجريمة النصب، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، وغرامة من خمسمائة إلى خمسة آلاف درهم: من استعمل الاحتيال ليوقع شخصا في الغلط بتأكيدات خادعة أو إخفاء وقائع صحيحة أو استغلال ماكر لخطأ وقع فيه غيره، ويدفعه بذلك إلى أعمال تمس مصالحه أو مصالح الغير المالية بقصد الحصول على منفعة مالية له أو لشخص آخر.

وانطلاقا من هذا النص يتبين أن جريمة النصب لا تقوم إلا إذا توفرت ا
لأركان والشروط التالية، وهي:

-تأكيدات خادعة باستعمال الكذب والتدليس والحيل..
-الغش وإخفاء وقائع صحيحة ليقع الغير في الغلط.
-استغلال ماكر لخطأ وقع فيه الغير.
-النتيجة الاجرامية وهي المس بالمصالح المالية  للغير.
-الركن المعنوي المتمثل في القصد الجنائي والنية الخبيثة.
-العلاقة السببية بين النشاط الإجرامي والنتيجة الإجرامية.

 والغريب أن هناك حالات كثيرة تعتبر عند ضحاياها نصبا وليست بذلك حسب الفصل أعلاه.والأغرب في الأمر أنهم ينشغلون بالشكايات عن رفع الدعوى المدنية للمطالبة بإبطال العقد لغلط أو تدليس أو غبن أو مرض،خاصة وأن هذه الدعوى تتقادم  بمرور سنة في كل الحالات التي لايحدد فيها القانون أجلا مخالفا طبقا لمقتضيات الفصل 311 من ق.ل.ع..
 ويبدأ سريان هذا الأجل حسبما نص عليه الفصل 312 " لا يبدأ سريان مدة التقادم المذكور في حالة الإكراه إلا من زواله ولا في حالة الغلط و التدليس إلا من يوم اكتشافهما. أما بالنسبة للتصرفات المبرمة من القاصرين فمن يوم بلوغهم سن الرشد، وبالنسبة إلى التصرفات المبرمة من المحجور عليهم وناقصي الأهلية فمن يوم رفع الحجر عنهم. أو من يوم وفاتهم فيما يتعلق بورثتهم إذا مات ناقصو الأهلية وهم على هذه الحالة. وفي حالة الغبن المتعلق بالراشدين فمن يوم وضع اليد على الشيء محل العقد". وعموما فدعوى الإبطال يجب ممارستها قبل انقضاء  15 سنة من تاريخ العقد. وإلا انقضت بالتقادم طبقا للفصل 314 من ق.ل.ع.م.
*وليس صحيحا أن هناك نصبا مقننا يقوم على إحداث ثغرات في القوانين والأنظمة من أجل استغلالها في الوقت المناسب، وإنما الصحيح هو أن الجهات العامة نفسها قد تكون عرضة للنصب من طرف التابعين لها الذين وضعت الثقة فيهم أو من طرف الأجانب الأغيار.
المطلبII:مفاهيم مجاورةومشابهة له .
1ـالنصب والتدليس.
التدليس هو استعمال وسائل الاحتيال والخداع لإيقاع الغير في الغلط مما يدفعه إلى التعاقد،رغم أن العقد ليس في مصلحته، وبالتالي فالتدليس من مكونات النشاط الإجرامي للنصب،بيد أن التدليس من عيوب الإرادة والنصب جنحة،فالأول يترتب عليه إبطال العقد والتعويض(جزاء  مدني)،والثاني تترتب عليه المتابعة القضائية (جزاء زجري) ، لكن إذا صدر التدليس من مسير الشركة أو مقاولة إضرارا بالدائنين فهو جريمة التفالس بالتدليس.
2ـالنصب والغش.
الغش هو إخفاء عيوب الشيء وإظهاره على غير حقيقته بسوء نية،وهو ما يقوم به النصاب قصد التغرير بالغير،بمعنى أن الغش من وقائع النصب.وإذا تعلق الغش بالمواد المعروضة للتجارة فهو غش تجاري،بل هناك أنواع كثيرة كالغش في الامتحانات والغش الضريبي،وكلها جنح معاقب عليها قانونا.
3ـالنصب والغبن.
الغبن أن تشتري أو تبيع شيئا بأكثر أو أقل من ثمنه في السوق بسبب الجهل بالأثمنة وقلة الخبرة،وهو مثل النصب والتدليس في المس بمصالح المغبون المالية ،غير ان الغبن لا يشترط للقيام به استعمال الحيل والتغرير،كما أنه يعتبر من عيوب الرضا،إذ لا يخول سوى طلب التعويض أو فسخ العقد.
4ـالنصب والسرقة.
النصب-كالسرقة-من الجرائم التي يتوصل بها إلى الاستيلاء على أموال المجني عليه،والخلاف يكمن فقط في أن الجاني في السرقة يقوم بالاستيلاء على الشيء بدون رضا الضحيتة ملكية وحيازة،في حين أن النصاب يستولي أو ينوي الاستيلاء على المال برضا الضحية بعد التغرير به وإيقاعه في الغلط.
5ـالنصب والابتزاز:
.الابتزاز بمعنى الحصول على المال أو المنافع من شخص تحت التَّهديد بفضح بعض أسراره و غير ذلك. وهو يتشابه مع النصب في العقوبة الزجرية والنتيجة الإجرامية،لكنه يختلف عنه في وسيلة تحقيق النتيجة،فالوسيلة في الأول هي الاحتيال والخداع، وتكون في الابتزاز عبارة عن التهديد بإفشاء أو نسبة أمور مشينة شفويا أو كتابيا (ف538ق.ج.م)، ويدخل في هذا الإطار البهتان والغيبة ونشر الفضائح وكل الضغوطات التي يمارسها الشخص على الآخر لنيل مكاسب غير مستحقة.
6-النصب والغلط:
الغلط هو وهم يتولد في ذهن العاقد فيصور له الأمر على غير حقيقته فيندفع إلى التعاقد،رغم أن العقد ليس في مصلحته،وهو جوهر النصب والتدليس لأن مرتكبيهما يسعيان لتغليط الغير من أجل أن يستغلا ما وقع فيه من غلط وخطأ ،غير أن الغلط  بشروطه حسب القانون يجعل العقد قابلا للإبطال ولو لم يقترن بالنصب والتدليس.
7-النصب والتزوير:
التزوير هو تغيير الحقائق بسوء النية،وغالبا ما لا تخلو وقائع النصب من هذا التغيير والتزوير لأن ذلك ما يحقق للنصاب مبتغاه، بل كثيرا ما يقتترن النصب بشهادة الزور أو تزوير في الوثائق والشهادات والفاتورات أو في الأوراق التجارية والبنكية.
8-النصب والرشوة:
تعرف الرشوة بأنها عرض من جانب وقبول من جانب آخر لأي فائدة أو منفعة كانت مقابل القيام او الامتناع عن العمل من أعمال وظيفته.
وقد تبدأ الجريمة بأعمال النصب ثم تتحول إلى رشوة أو تقترن بها،وذلك عندما يحاول صاحب منصب ونفوذ الاستيلاء على المال بالطرق الاحتيالية،لكن عندما لم يفلح  يضطر في النهاية إلى الالتزام أو تنفيذ ما وعد به الراشي،هذا ما لم يشكلوا جميعا عصابة من الراشين والمرتشين والوسطاء.
9-النصب والكذب.
أعمال النصب تقوم على الكذب من أجل تحقيق النتيجة الإجرامية ،وبالتالي لا يمكن تصور النصب بدون كذب،ولهذا يقول المثل الشعبي:الطماع كيقضي عليه الكذاب.لكن النصاب يحاول دائما أن  يوظف بعض الحقائق ويتخذها كعنوان لخطواته الأولى من أجل كسب ثقة المنصوب عليه،وغالبا ما يحصل على هذه الحقائق من المحيط القريب للضحية.
وما النصب في الحقيقة إلا كذب محبوك يراد منه تحقيق مصالح ملموسة.
وتجدر الإشارة إلى أن الكذب المجرد الذي يستطيع الشخص العادي اكتشافه لا يعتد به القضاء عموما.وهنا تكمن الخطورة،إذ يمكن أن تواجهك القولة المشهورة "القانون لا يحمي المغفلين"..

10-النصب وخيانة الأمانة.
خيانة الأمانة هي اختلاس أو تبديد الأمين بسوء نية للمنقول إضرارا بصاحبه الذي سلمه إياه بصفة مؤقتة بمقتضى عقد من عقود الأمانة كعقد الوديعة وعارية الاستعمال والوكالة والشركة وما يشبهها........فهذه الجريمة يستغل مرتكبها الثقة الموضوعة فيه بمقتضى عقد فيختلس أو يبدد منقولا او وثيقة إثبات بسوء النية، وفي النصب يستعمل وسائل الاحتيال لوضع اليد على الشيء وتملكه أو ينوي ذلك على الأقل.
11ـالنصب وإصدار شيك بدون رصيد:
جاء في المادة 543 من القانون الجنائي المغربي :
" يعد مصدرا لشيك بدون رصيد من يرتكب بسوء نية احد الأفعال الآتية :
1- اصدار شيك ليس له رصيد قائم قابل للتصرف او له رصيد يقل عن قيمته، وكذلك سحب الرصيد كله او جزء منه بعد اصدار الشيك أو اصدار امر للمسحوب عليه بعدم الدفع.
2- قبول تسلم شيك صدر في الظروف المشار اليها في الفقرة السابقة.

ومن الفصل السابق يتبين أن الشيك أداة للوفاء تقوم مقام النقود وليست وسيلة للضمان كالكمبيالة والسند لأمر المصادق على توقيعهما،حيث يفترض عند تحريرها توفر الرصيد في الحساب البنكي.والشيك إذن ورقة تجارية تحظى بالحماية القانونية على الصعيد العالمي لذا يجب الحذر من اتخاذها وسيلة للاحتيال والخداع سواء من طرف الساحب أو المستفيد.
وتوفر المؤونة مفترض دائما في كل من يصدر شيكا حسب مدونة التجارة....ومن هنا يمكن لبعض المغفلين أن يطمع في الثراء بجرة قلم وجرأة زائدة ،فيستتغل هذه الورقة البسيطة في شكلها والخطيرة في عمقها،ذلك أنها يمكن أن تنقل الملايين وأن تزج بك في السجن سنين،بل وتوقعك في براثن الإفلاس وما لا تحمد عقباه.
12-النصب والظلم:
النصب هدفه الاستيلاء على شيء غير مستحق بغير حق، سواء كان ذلك الشيء مالا أو مركزا،وهو الظلم بعينه البشعة.حيث تجد النصاب متذبذبا لا يستقر على حال،وإنما يخنع لأنانيته ومصلحته الشخصية وتمييزه العنصري،له يد ممدودة للمساعدة وأخرى موازية للخيانة والغدر..وله عين رحيمة وعين أخرى زالقة فاسقة..ناسيا أن الظلم هوة سحيقة لا يقربها إلا رد المظالم.
المطلبIII:مظاهر النصب من الواقع.
*زعمت شركة أنها تعمل على توظيف شباب لفروع لها في عدة مدن مغربية كبرى، ما دفع بعشرات الشباب إلى التسابق صوب مقرات هذه الشركة لدفع ملفاتهم ومبالغ مالية لإنشاء ملفات التوظيف، ليتبين بعد ذلك أن الشركة وهمية بعدما أغلقت مقرّاتها واختفى العاملون فيها.
*إنشاء شركات أو مقاولات أو جمعيات صورية بغرض الاستفادة من تعويضات أو مزايا معينة،وهي لا تقوم بأي نشاط في الواقع.
*بيع شيء أو عرضه أو الترويج له وهو وهمي غير موجود،أو كان قائما بمواصفات معينة لا تتوفر في المبيع حقيقة.
*تسلم شيك بدون رصيد وبهوية مزورة،بعد قصة خيالية وسياق مفتعل،وغالبا ما يصدر هذا النصب بصيغة المؤنث.
*بعض المحتالين يغرون الآخرين بالحصول على مبالغ أو جوائز معينة ولكن يطلبون من المستخدمين دفع رسوم بسيطة، أحياناً،ما أن تكون قيمة المبلغ أو حجم الجائزة وسيلة إغراء مناسبة قد تدفعهم للسقوط في هذا الفخ بكل سذاجة.
*لون آخر من النصب يقع غالبا بطرق غير مباشرة، وهو مقايضة سلع مباحة بأخرى محظورة قانونا وشرعا، ويكون الطرف المستفيد هو الذي اقتنى المباح واسترد الثمن بالمحظور،والطرف الخاسر هو مقتني المحظور لبلده،لكن في الحقيقة كلاهما خاسران عند الله تعالى بسبب المال الحرام. 
*محاولة إيقاعك في الغلط وإرباك حساباتك،كما حدث لي ذات مرة، وقد كنت بصدد أيداع نقود في أحد المكاتب، فقام الموظف بعد الأوراق أمامي،ثم قال:إنها ناقصة، إلا أنه لمحته حينما رمى خلسة ورقة بين رجليه، ففطنت لخدعة الماكر،وهو رجل يدنو من الستين في عمره،ومع ذلك سولت له نفسه اقتراف هذا السلوك المشين المقيت.
*تقديم سلعة متشابهة مع السلعة الحقيقية مع اختلاف كبير في القيمة والجودة ،لإدخال الوهم في نفس المجني عليه، ومن ثم التعاقد معه، وممارسة الاحتيال عليه.
*أحيانًا تصل رسالة إلى الضحية على البريد الإلكتروني أو مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى عن طريق برامج المحادثة (WhatsAPP) كالواتساب أو الفايبر وشركات الإتصالات العادية تخبرهم الرسالة بأنه قد تم اختيارهم من بين الملايين حول العالم عن طريق سحب عشوائي، وأنهم قد ربحوا مبالغ مالية خيالية أو سيارة فاخرة،ثم يطلبون من الضحية إرسال مبلغ مالي كعمولة لتحويل الأموال أو العملات.
التبجح بالوطنية والحرص على المصلحة العامة بهدف الحصول على المكاسب الشخصية لا غير..
*انتقاء الطلاب على أساس الدية والانضباط والمستوى  والأخلاق  وإسناد تدريسهم   للمحظوظين على حساب معاناة الآخرين. وليعلم هؤلاء الظالمون كم من أوراق بعثروا،وكم من صفاء عكروا، وكم من جرح أحدثوا،وكم من أعصاب وتروا،وكم من ثقه زعزعوا،وكم من طاقة أهدروا؟؟! وهم عبدة وأسرى لأنانيتهم وعنصريتهم ومصالحهم الضيقة المقيتة..وما الله بغافل عما يعمل الظالمون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..
*وأقبح نصب كل القبح ذلك النمط الذي يصدر من أشخاص وضعت الدولة فيهم كل الثقة،وقدموا لها بدورهم كل الشرف على أنهم نزهاء وأمناء وشرفاء،فإذا هم يتحولون إلى شياطين يخونون الأمانة والدين والوطن ،كبعض الموثقين وبعض المحلفين...
*أخبرني أحد الأصدقاء أنه جلس في المقهى فجاء شخصان إلى جواره فجعلا يتحدثان عن استفادتهما من بقع أرضية ودعم مالي لبناء السكن بعد اتصالهما بعامل الإقليم،وأنهما يبحثان عن مستفيد آخر،حيث بذل النصابان الملعونان كل ما في وسعهما لاستدراجه إلى معاملة ملغومة، لكنهما لم يفلح.....
وهكذا يستغل سماسرة النصب الفضاءات العمومية لاستدراج واصطياد ضحاياهم من خلال الإغراء بالكنوز والصفقات والعقارات والتأشيرات وعقود العمل وو....
*أكدت امرأة أنها-وبينما كانت ماشية في أحد شوارع مدينة فاس-إذ برجل يستوقفها طالبا منها إرشاده إلى وجهة معينة، لكن الرجل الشيخ الذي تبدو عليه علامات التدين والوقار لم يمهلها وقتا للإجابة بل بادرها بسؤال عن سبب شحوب وجهها.. ثم شرع يحاول إقناعها بأنه "شريف" وبإمكانه أن يحل العقدة التي بسببها تبدو شاردة الذهن.. ولكي يكسب ثقتها لم يتردد في إخبارها بأنه يعرف المشكلة التي تؤرقها، وهي عقم ابنتها المتزوجة حديثا، ما جعل المرأة تقتنع بقدرات ذلك الغريب الذي "استطاع أن يكشف عن همومها..مباشرة بعد أن أوقعها في شراكه، عمد الشريف إلى إقناع ضحيته بأن حل مشكلتها يكمن في ما تملكه من أموال، حيث طلب منها أن تأتيه بكل ما تملك لكي "يَبُفخّ" لها فيه ويطرد عنه "التابعة" وسوء الحظ، وهو ما فعلت المرأة بدون تردد، إذ أحضرت له من منزلها كل ما تملك من أموال وحلي وجواهر ووضعتها بين يديه، لكنه ما لبث أن توارى عن الأنظار موهما إياها بأنه منهمك في ممارسة طقوس طرد النحس عن المال.HESPRESS
المبحثII:النصابون:مميزاتهم, ووسائلهم وأهدافهم.
المطلبI:مميزاتهم.
-التمتع بنوع من الدهاء والذكاء مما يمكنهم من نسج وضعيات وهمية وترسانة من متاهات وشبكات من العلاقات يركبونها للوصول إلى أهدافهم،وأحيانا أخرى يستعينون بشبكات لها إلمام بالعقود وثغرات التشريع والتحايل على القانون.كما لبعضهم القدرة على التلون حسب المواقف،وذلك بفضل حنكتهم وكثرة تجاربهم واقترابهم من مصادر القرار .
-انتهاز الفرص سواء تعلقت بالزمان أو المكان أو الأشخاص، مستغلين جهل البعض وحالته النفسية والاجتماعية وقلة خبرته وكثرة ثغراته،وحيث توجد السذاجة توجد كذلك جاذبية للنصب.لأن الساذج بطبيعته قليل الذكاء،إذ يسهل التغرير به وخداعه ،ولا يحتاج مجهوداً من النصاب غير أن يعطيه فقط إحساساً بالأمان والرعاية والتقدير ،وبما أن الساذج يفتقد لهذه الأشياء فهو ينظر للنصاب على أنه شخص طيب يمكن الوثوق به.
**إظهار محاسن الأخلاق والتحلي بها ظاهريا لكن مع استعداد النصاب الدائم للانقلاب عليها في أية لحظة حسب المصلحة المادية التي يرنو إليها....
وهكذا فالفضائل التي لا تقوم على أساس العقيدة الصحيحة فهي زائفة كالسراب.....،لذا لا تنخدع بمحبة وأخلاق أصحاب الحركات الباطنية.
**أصحاب النصب لا يدركون عظمة الله ولا يخشونه بقلوبهم ولو أن بعض سمات التدين تظهر عليهم تكلفا لكسب ثقة الناس فقط،لذا تجدهم دائما مستعدين للانقضاض على فرائسهم دون نباح ولا تكشير عن الأنياب.
*الظهور بشخصية ذات وزن ومزايا هائلة،لها قدرة على التدخل لدى جهات مرموقة.كل ذلك من أجل إثارة إعجاب الضحية تمهيدا للنيل منه بطرق ماكرة.
*البحث عن ثغرات الشخص لاستغلالها والإيقاع بصاحبها..هل ينسى؟هل يخاف؟هل يثق كثيرا؟هل يتأثر  تحت ظرف معين؟وهل؟
ـالبدخ والرفاهية وإعلاء مبدأ اللذة والجشع المفرط تجعل الإنسان يضعف أمام المال، وتجره إلى ما لا تحمد عقباه،وتدفعه إلى توظيف كل ما لديه من خبث.فيبدأ بتحديد الفريسة، ثم كسب ثقته، ثم اللعب بأمانيه، ثم أخذ ماله،وتركه ضحية.
**الإنسان عادة يتأثر لحال أخيه الإنسان ويستحضر ما يعتريه من بؤس وألم وهو يفقد ماله،لكن هناك نوعية من الناس تسيطر عليهم الأنانية والأثرة،ولا يهمهم سوى حل مشاكلهم والخلاص من أزماتهم ولو على حساب الآخرين وكرامتهم وآلامهم وعواطفهم. 
-يتميز النصاب بالجرأة في ظاهره، لكنه جبان في داخله،ذلك أنه يحس بالنقص ويهون أمام المال وأصحابه،حتى أن جانبا من علم النفس يصوره على أنه عبد لهما، فمن أجل المال يكد ويكيد،ومن أجله يعبد ويستعبد،حتى أنه يلجأ إلى 
الاستقواء بغيره من أصحاب النفوذ والمال،فيتزلف إليهم ويحتمي بمظلتهم،أو يتقمص دورهم أو ينتحل صفاتهم أو ألقابهم على الأقل،هذا ما لم يكونوا هم كذلك شركاء  أو مساهمين.
انتماء الشخص إلى جماعة دينية أو حزب سياسي أو نقابة مهنية والتظاهر بأنه إيجابي في المجتمع ،وذلك بقصد اكتساب ثقة الناس ،مما يسهل مأموريته في الحصول على منافع مادية غير مشروعة.
-ربما تتصور أن النصاب يركن إلى الكسل ويطمع في الكسب  بدون تعب،نعم قد ينفر من الجهد البدني،لكنه لا يتوانى عن التفكير في الحيل وعن التحرك بين المواقع بحثا عن الضحايا.بل من النصابين من يتعاقد مع الشياطين ويستعين بهم على تسهيل الجريمة وتعلم فنون الرياء والنفاق والتملق والتلفيق والتزييف والاستدراج مقابل تلبية مطالبهم كالشرك والكفر والفسوق والفجور والزور والتمرد على الله....
المطلب II:وسائل النصابين.
هذه النقطة سأستقي ما يتعلق بها من الواقع لا من الفقه،وهكذا ألخص هذه الوسائل فيما يلي:
-ادعاء الصلاح والبركة والانتساب للشرفاء(للا-سيدي)، وذلك لكسب ثقة الضحايا وبلوغ النصاب مبتغاه القبيح.كما هو الشأن فيما يسمى في المغرب بالسماوي زورا وبهتانا.بل يمكن أن يتدخل شياطين الجن بشكل مباشر لتسهيل النصب بقوة الوسوسة والوهم أو صرف انتباه الضحية وجعله شارد الذهن،مما يمكن النصاب من نيل مبتغاه كأخذ السلعة والانصراف دون أداء الثمن.بل من النصابين من يساعدهم الشياطين في التخطيط للنصب خلال الرؤى والمنامات ،حسب ما صرحت به ساحرة تائبة.
-انتحال الصفة أو اللقب أو الشخصية بغير حق.وادعاء القدرة على التدخل لدى الجهات المسؤولة لقضاء الأغراض،وهذا ما يسميه البعض بالتزوير المعنوي،وهو لا يقل خطورة عن نظيره المادي.
*النجش هو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها، وخاصة في بيوع المزادات،أو يعمد شخص إلى التبرع بمبلغ مهم بشكل صوري، وذلك بهدف اقتداء الآخرين به، وقديكون باتفاق المكلف بجمع التبرعات وقد لا يكون،لكن الذنب يتعاظم كلما انحرف التبرع عن مساره الصحيح.والنجش حرام لما فيه من تغرير بالطرف الآخر وخديعته.وقد جاء في الحديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم:وَلاَ تَنَاجَشُوا ،وَلاَ يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ ،وَلاَ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ ،وَلاَ تَسْأَلُ المَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا" متفق عليه.
-في بعض الأحيان يكون النصاب ذكيا فيحبك ويدبر مكائد للإيقاع بالغير,ويبيع له الأوهام دون شعور الضحية.
-استغلال وسائل الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي والإمكانات التي تتيحها الشبكة العنكبوتية،وهكذا تجد بعض النصابين وبشكل سري يلتقطون صورا إباحية لشخص أو يسجلون كلامه قصد ابتزازه في مبالغ مالية.
-استغلال العمل الإحساني والجمعوي للنصب والخداع من طرف قلة قليلة،حيث تجد بعضهم إذا وقع إحسان ساخ في يده يعتبر نفسه الأولى به،ويقول:(اللهم ارحمنا أولا ثم ارحم غيرنا)،والحال أن هذا الجانب يجب أن يبقى نظيفا من خسة الخسيسين وخبث المنافقين.
حمد الله لكل من يملك حسا جمعويا نزيها يسعى لخير مجتمعه ووطنه.
**إيهام المريض بأنه يعالج بالرقية الشرعية والطاقة الإيجابية، والحال أن المعالج روحاني أو راق مشعوذ أو نوراني أو ساحر،حيث يسحب أحدهم الطاقة الإيجابية بالتحريض على الشرك كالذبح لغير الله وتعليق التمائم والتوكل على أرباب من دون الله،،ثم يوظف الطاقةالسلبية والطقوس السحرية الخداعية الخفية كالجداول والطلاسم والعزائم الكفرية وكذا     الاستغاثة بالجن والبخور وأشياء وطقوس خرافية........،مما يعمق معاناة المريض أكثر، ولو كان يحس براحة وهمية مؤقتة، بحيث تصبح حاجاته الأساسية هي الطاقة السلبية ،فيعمل باستمرار على إشباعها أو تغليبها عن طريق اقتراف المعاصي ،حيث لا يعالج إلا بها،أي أنه يتعايش مع الشياطين ويحس براحة زائفة تحت رحمة الفسوق والفجور وقوى الظلام والفساد ،تماما كتأثير بعض العقاقير الشيطانية،حيث توهمك أنك تعالج والحال أنك تغرق في الأسقام،ويئن معك المجتمع فوق الألغام...حتى يكون قلب الممسوس كما قال ابن القيم رحمه الله:"قلب خال من الإيمان وجميع الخير، فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه لأنه قد اتخذه بيتا ووطنا وتحكم فيه بما يريد غاية التمكن".(الوبل الصيب،ص:24).
ومن هذا المنطلق يطبع الفرد والمجتمع مع المناكر وأصحاب المناكر ويجد راحته مع الشياطين .ومن سيطر على عقلك وروحك كان هينا عليه أن يسيطر على مالك واقتصادك،بل أصبح يملك مفاتيح قلبك،حيث يتلاعب به كيف يشاء. وإذا لا حظت أن المناكر والشرور قد استشرت في منطقة ما،فاعلم أن الشياطين عسكروا وسطها أو حواليها وهم يعبثون بدين أهلها ويعيثون فيها فسادا،إنهم من بعيد يرمون، وعبر أوليائهم وأعوانهم يقترفون الموبقات ..اللهم كن لهم بالمرصاد.
وعلى ضوء ما ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله،فليس ثابتا أن الجن يتلبس بالبشر حقيقة،وإنما يقترن بالإنسان فقط،حيث لا يملك الشياطين سوى سلطة إلقاء الوساوس والإيحاءات إليه وتغذيتها حتى تصير أوهاما ثم أفكارا ثم خططا وعملا.
 وأقصد بالطاقة الإيجابية -أيها السادة والسيدات-أثر الحسنات وما يترتب عليها من طمأنينة القلب ورعاية الله عز وجل وحضور ملائكته الكرام.والطاقة السلبية عكس ذلك،أي أثر السيئات وانسحاب ملائكة الله  ورعايته وإقبال الشياطين كقرناء مضللين.. فلا أقصد ما يذهب إليه المتأثرون بالحركات الباطنية كالماسونية والقبالية والهرمسية والغنوصية والهندوسية والبوذية والصوفية ومن على شاكلتهم.......
وعليه،فكلما ابتعد اﻹنسان عن ربه كلما زادت طاقته السلبية وكلما اقترب من ربه كلما زادت طاقته اﻹيجابية .   
*التلاعب بنطاق اللاشعور(العقل الباطن)عند الإنسان واستنطاقه على أنه مس روحاني مع غض الطرف و التغاضي عن دور تزكية النفس في العلاج كما يفعل بعض المعالجين بالرقية،هؤلاء الرقاة مع   إخوانهم المشعوذين  يشحنون الناس بمفاهيم ومعلومات خاطئة وبكوابيس الخوف من الجن  والسحر، ويساعدون بذلك سيدهم إبليس اللعين على بث الإيحاءات والوساوس في النفوس.......فمثلا عندما تتراكم الشهوات المحرمة لدى شخص بسبب قلة العفة وغض البصر فإنها تثور ويسميها الرقاة-ادعاء-بالجن العاشق أو العاشقة،ولا يقضي عليها سوى التزكية ،وأما تلاوة القرآن فإنما تهدئها مؤقتا فقط.
 وعليه،فكل رقية لا تستند إلى توحيد الله وتزكية النفس فهي مجرد نصب واستغلال وسعي وراء المال الحرام،وقد تهوي هذه الرقية بصاحبها إلى درك الشرك عياذا بالله العظيم.
والتزكية هي تطهير النفس من أمراض معنوية كالحقد والحسد وتحليتها بالفضائل مع المجاهدة والمحاسبة وقوة الإرادة،على أن يحاول المرء الظهور بما يرضي الله من جميل الصفات والقيم،مستعينا بالإيمان وقراءة القرآن والعمل الصالح لتطويع هذه النفس الأمارة بالسوء.
وعلى سبيل المثال:إذا لم تتبع طريق الله وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم في تزكية النفس فسيتحول الحقد إلى( الخرافي الدموي باشا حمو المعروف في المغرب ) وستحتاج إلى حصص كثيرة من الوقت والمال للتخلص منه والتغلب عليه،وإذا لم تأخذ بالأسباب المشروعة لكسب الرزق الحلال فستلجأ إلى الخرافي هورش أو حورس (إله السماء في الوثنيات القديمة المصرية والإغريقية) للنصب على الغير،كل ذلك يشكل ترسانة وضعها النصابون لاستغلال الناس،فهم لا يبالون بما هو مقدس ولا مدنس،ولا بما هو مشروع ولا محظور..
وفي الحديث: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا. أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا))  رواه مسلم. 
-تمريض وتضليل الشخص والعبث بصحته واستغلال مرضه من أجل ابتزازه واستغلاله كما يفعل السحرة والرقاة المشعوذون وبعض المنتسبين إلى الطب والصيدلة.....ومن ثمة احذرك أيها القاريء الكريم أن تكون مشروعا مربحا للمجرمين،فإنه لا يهمهم أن تشفى وتسعد بقدر ما يهمهم أن تعاني وتدر المداخيل.
-ادعاء علم الغيب والأسرار والقدرة على أمور خارقة وشفاء الأمراض المستعصية ومخاطبة الجن وغير ذلك من الترهات التي تدخل في إطار الشعوذة والسحر والشرك والخضوع للشياطين، وذلك مما ينتعش في دائرة الغموض والروحانيات.فالله تعالى يقول:({ قُلۡ كُلࣱّ یَعۡمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِۦ فَرَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَنۡ هُوَ أَهۡدَىٰ سَبِیلࣰا (84) وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنۡ أَمۡرِ رَبِّی وَمَاۤ أُوتِیتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِیلࣰا (85) } [سُورَةُ الإِسۡرَاءِ: 84-85]
وهكذا فتسليمك بهذه الروحانيات غير المنضبطة قد تقودك إلى أوخم العواقب،علما أن الباحثين عن الروحانيين والنورانيين والملائكة والخدام من عالم آخر غالبا ما يقعون في فخ الشيطان فيستحوذ عليهم ويستعبدهم ويذلهم ويرهقهم ثم يقضي لهم بعض أغراضهم.قال الله تعالى:وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) سورة الجن..
وقال الله تعالى:ألم اعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين،وأن أعبدوني هذا صراط مستقيم،ولقد أضل منكم جبلاكثيرا،أفلم تكونوا تعقلون.》سورة يس/60-62
وقال الله جل علاه"(وَمَن یَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ نُقَیِّضۡ لَهُۥ شَیۡطَـٰنࣰا فَهُوَ لَهُۥ قَرِینࣱ ۝  وَإِنَّهُمۡ لَیَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِیلِ وَیَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ)[سورة الزخرف 36 - 37]
وذلك أن الأرواح والملائكة بيد الله وحده،ولم يضعهم جل جلاله تحت تصرف أحد من خلقه،ومن ثمة لم يرد في السنة قط ما يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم وجه أمرا أو حتى طلبا لملك من الملائكة،وإنما يتوجه إلى الله دائما بالدعاء الخاشع ليكون له عونا وسندا《إياك نعبد وإياك نستعين》وفي الحديث: <<احفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ،إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ).
.هذا من أجل أن لا تقع أيها المؤمن الكريم ضحية لهؤلاء الروحانيين ،فهم لم يكونوا سوى أشباح من الجن الشيطانيين، وخاصة المردة منهم الذين لهم قوة خداعية عالية،وكذا قوى الشر التي تعمل من وراء الستار أو في العلن بشخصية مزدوجة،،فلا تحسبهم ملائكة فتنفذ إملاءاتهم وتتبع ضلالاتهم،وتشحن عقلك الباطن بكوابيسهم،وتستقبل بكل أرحية وساوسهم واقتراحاتهم .
وأما الصالحون منهم فلا يتعدون الحدود التي رسم الله لهم ليتصلوا بالبشر ويتبادلوا المصالح معهم،لأن عالمهم غير عالمنا..فكل من يتصل بهم من البشر فهو ساحر أو روحاني أو نوراني أو ...وحكم شرع الله عز وجل معروف في هذه الحالة.علما أن الكافر منهم شرير بالضرورة، وهذا ينسحب تماما على قوم من الناس، هؤلاء إما أن يكونوا مؤمنين بالله خالقهم موحدين له، فيكونوا صالحين نافعين مسالمين ،وإما أن يكونوا كفارا مشركين فيسعون في الأرض ظلما وفسادا ،ويتحملون جميع أوزار هذا العالم المليء بالذنوب والمظالم.وقد يتحولون إلى آلة للقتل والدمار، فيكون هناك جان مجرم مارق وضحية شهيد،مما يعجل بعدالة الله تعالى وحلول وعيده العاجل في الدنيا قبل الآخرة لملاحقة مديري الآلة الطاغية المارقة وملاحقة من يدعمها ومن له القدرة على كبح جماحها ولم يفعل ،وهذا هو الأدهى والأمر.وهناك أقطاب يتظاهون بالصراع وهما في الخفاء يتحالفون،وهدف كل منهما بسط النفوذ .!!
،وكل منهم يعدد أدواته ووسائله بل وضحاياه كذلك من أجل السيطرة،اللهم ارحم الفلسطينيين واللبنانيين واليمنيين والسوريين وغيرهم من ضحايا العدوان ........
حذار أن تكون أداة من أدواة أحدهم،فهم زهوق لا محالة كالباطل سواء بسواء.
وقد خدع أشخاص من طينة الشيوخ الوثنيين والزعامات الدينية الوثنية،فاعتبروا خيالات وأحوالا شيطانية هي الحقائق والكرامات،ونبذوا شريعة الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ،فجعلوا يستدرجون الناس إلى الشرك والكفر كما استدرجوا، ويضلون عن سبيل الله كما ضلوا.
وقد تقبل عليهم الدنيا إقبالا،لكن ضحاياهم كثيرون،بل من الضروري أن يكون لهم ضحايا لشراء الدنيا بالآخرة وإنقاذ أنفسهم وأقرب الناس إليهم من الهلاك الدنيوي، ولذا فمجرد الاحتكاك بهم تنجم عنه الويلات والويلات..وقد تجد البعض منهم يكره أبناءه في طريقته ويكتم عنهم أسراره،في حين يحببها للآخرين طالبا منهم تقديس سره..
{ إِنَّ ٱلَّذِینَ ٱشۡتَرَوُا۟ ٱلۡكُفۡرَ بِٱلۡإِیمَـٰنِ لَن یَضُرُّوا۟ ٱللَّهَ شَیۡـࣰٔاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ (177) }[سُورَةُ آلِ عِمۡرَانَ: -177]
قال تعالى:"{ وَلَقَدۡ عَلِمُوا۟ لَمَنِ ٱشۡتَرَاهُ مَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲۚ وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡا۟ بِهِۦۤ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ } [سُورَةُ البَقَرَةِ: 102]
إنهم يموتون ويبقى مكانهم أعوانهم الروحانيون الذين يقومون بنفس دور قرنائهم في التضليل والإفساد والعرقلة، وبالتالي فالتمسح بمراقدهم ينطوي على خطورة كبيرة ومن أهمها أن يصاب المتمسح بمس شيطاني طبيعي،وتتدهور الطاقة الإيجابية لديه، مما يجعل مضطرا في كل مرة إلى زيارتها، بل وتقديم القرابين لها بغية الشعور بالهدوء النفسي وطرد النحس وجلب الحظ حسب زعم البعض، بل منهم من يبغي وراءها أن تنطلي حيله على الآخرين ،وغالبا ما تكون هذه القرابين عبارة عن فجور ومنكرات والتعاطي أو التلذذ بالمحرمات والجرائر،أو عبارة عن أطباق وذبائح يقدمها الضحية بنفسه أو بواسطة ساحر ،لكن إذا تعلق الأمر بذبيحة كبيرة وشريحة واسعة من الناس فالتقدمة تتم تحت إشراف كبير السحرة في المنطقة.،هذا وقد يقتنع الشياطين بقربان بسيط كشمعة طالما أن هدفهم قد تحقق وهو وقوع المرء في الذنب الأكبر.(الشرك).
علما أن هذه الطقوس الشيطانية ترنو إلى التقرب من إله الشر أو أصحاب الشر لاتقاء شرهم،وذلك حسب ما هو موروث من الوثنيات البالية كالزرادشتية والشمانية والقابالا والمانوية والطاوية والهندوسية والتصوف الإسلامي المنبثق عن القبالة اليهودية.
.وهو بذلك يعد أخطر نصب يمكن أن يتعرض له الإنسان،قال الله تعالى على لسان عيسى عليه السلام:({ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ رَبِّی وَرَبَّكُمۡۖ إِنَّهُۥ مَن یُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَاهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّـٰلِمِینَ مِنۡ أَنصَارࣲ } [سُورَةُ المَائـِدَةِ: 72]،وقال ربنا الكريم:(إن الله لا يغفر أن يشرك به،ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء،ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا) النساء/116;
،وقال عز وجل:"وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ ۖ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ۚ قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) الأنعام،)).
وقال الله تعالى :((وَلَقَدۡ أُوحِیَ إِلَیۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكَ لَئنۡ أَشۡرَكۡتَ لَیَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ) سورة الزمر 
والأخطر أن هؤلاء الشيوخ يتخفون تحت عباءة المظاهر الزائفة والألقاب البراقة، وقد يعتلون المنابر ويقفون في المحاريب،مما يجعل اكتشافهم صعبا للغاية،لكن من علاماتهم التشكيك في الحقائق الإيمانية وإنكار وجود الله من خلال القول بوحدة الوجود وتأليه الكون، والاستهزاء بآيات الله بالفعل أو القول أو الحال ،وحلول الأوبئة والكوارث معهم ،حسبنا الله ونعم الوكيل..
وكذلك إن بعضهم يحظون بطاقة السحر العلوي، حيث يرتقون في مراتبه وحيله كلما تقدموا في الشرك وازداد عدد أتباعهم،(هؤلاء الأتباع هم ضحاياهم في اتقاء الهلاك العاجل.).
كما يكون لهم طلسم الانتقام حيث يتأذى مستهدفهم في بدنه أو شرفه أو عقله أو ماله أو دينه بالفعل،أو يتوهم الجاني والضحية ذلك على الأقل.ويرجع الاختصاص في هذه المهمة لأقطاب السحر برتبة أسد صاحب االيسار ذي لون ذهبي في عالم الروحانيات.لكن لا يحصل ذلك الانتقام إلا بإذن الله تعالى.
لكن حذار أن تنسب إليهم قوة خارقة، فهم لا يستطيعون البقاء إلا من خلال استنزاف  طاقة الآخرين،بمعنى أنهم أقوياء بأوليائهم وأتباعم وأعوانهم، ومن دونهم فهم ضعاف خاسئون باهتون لا حول لهم ولا قوة .
قال الله عز وجل:({وَمَا هُم بِضَاۤرِّینَ بِهِۦمِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَیَتَعَلَّمُونَ مَا یَضُرُّهُمۡ وَلَا یَنفَعُهُمۡۚ وَلَقَدۡ عَلِمُوا۟ لَمَنِ ٱشۡتَرَاهُ مَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنۡ خَلَـٰقࣲۚ وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡا۟ بِهِۦۤأَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ } [سُورَةُ البَقَرَةِ: 102])،
وقال عز وجل: { إِنَّمَا ذَ ٰ⁠لِكُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ یُخَوِّفُ أَوۡلِیَاۤءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ } [سُورَةُ آلِ عِمۡرَانَ: 175]
وقال سبحانه:( إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ). النحل/100
وقال عز وجل:{ إِنَّ عِبَادِی لَیۡسَ لَكَ عَلَیۡهِمۡ سُلۡطَـٰنٌ إِلَّا مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡغَاوِینَ }[سُورَةُ الحِجۡرِ: 42]
وقال الله الكريم:{ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱلطَّـٰغُوتِ فَقَـٰتِلُوۤا۟ أَوۡلِیَاۤءَ ٱلشَّیۡطَـٰنِۖ إِنَّ كَیۡدَ ٱلشَّیۡطَـٰنِ كَانَ ضَعِیفًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 76]
وقال عز وجل:{ ٱلَّذِینَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُوا۟ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ }[سُورَةُ آلِ عِمۡرَانَ: 173]
وقال سبحانه: (ٱللَّهُ یَعۡلَمُ مَا تَحۡمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِیضُ ٱلۡأَرۡحَامُ وَمَا تَزۡدَادُۚ وَكُلُّ شَیۡءٍ عِندَهُۥ بِمِقۡدَارٍ ۝  عَـٰلِمُ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ ٱلۡكَبِیرُ ٱلۡمُتَعَالِ۝سَوَاۤءࣱ مِّنكُم مَّنۡ أَسَرَّ ٱلۡقَوۡلَ وَمَن جَهَرَ بِهِۦ وَمَنۡ هُوَ مُسۡتَخۡفِۭ بِٱلَّیۡلِ وَسَارِبُۢ بِٱلنَّهَارِ ۝  لَهُۥمُعَقِّبَـٰتࣱ مِّنۢ بَیۡنِ یَدَیۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ یَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُغَیِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ، وَإِذَاۤ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمࣲ سُوۤءࣰا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ) 8-11/ا سورة الرعد.
{ أَمۡ یُرِیدُونَ كَیۡدࣰاۖ فَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ هُمُ ٱلۡمَكِیدُونَ (42) أَمۡ لَهُمۡ إِلَـٰهٌ غَیۡرُ ٱللَّهِۚ سُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا یُشۡرِكُونَ (43) }[سُورَةُ الطُّورِ: 42-43]
علما أن الشياطين لا يملكون سلطة الأذية المباشرة للبشر، ولكنهم يملكون سلطة الوسوسة والتضليل والاستدراج،بحيث يوسوسون للشخص أن يؤذي نفسه ويضع رجله حيث تزل ويده حيث تلتوي، أو يتناول مايضره ويسلب وعيه ،أو يوسوسون للغير ليؤذيه،أو يدبروا كمائن الأذى وظروف الهلاك،لكن من خلال توظيف الوسوسة والإيحاءات  دائما.بحيث يوحون لهذا وذاك حنى يقع الضحية في الفخ على طريقة العصابات،وهنا تظهر خطورة القرناء الشيطانيين في السيطرة على العقل الباطن للإنسان..قال الله تعالى:{ وَمَن یَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ نُقَیِّضۡ لَهُۥ شَیۡطَـٰنࣰا فَهُوَ لَهُۥ قَرِینࣱ (36) وَإِنَّهُمۡ لَیَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِیلِ وَیَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ (37) }[سُورَةُ الزُّخۡرُفِ: 36-37]
وقال سبحانه:{ وَكَذَ ٰ⁠لِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِیٍّ عَدُوࣰّا شَیَـٰطِینَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ یُوحِی بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضࣲ زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ غُرُورࣰاۚ وَلَوۡ شَاۤءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا یَفۡتَرُونَ }[سُورَةُ الأَنۡعَامِ: 112]
وكذلك《وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112》 الأنعام.
وقال الله تعالى:{ فَوَسۡوَسَ لَهُمَا ٱلشَّیۡطَـٰنُ لِیُبۡدِیَ لَهُمَا مَا وُورِیَ عَنۡهُمَا مِن سَوۡءَ ٰ⁠ تِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّاۤ أَن تَكُونَا مَلَكَیۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَـٰلِدِینَ }[سُورَةُ الأَعۡرَافِ: 20] .
وقال سبحانه:{ فَوَسۡوَسَ إِلَیۡهِ ٱلشَّیۡطَـٰنُ قَالَ یَـٰۤـَٔادَمُ هَلۡ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلۡخُلۡدِ وَمُلۡكࣲ لَّا یَبۡلَىٰ }[سُورَةُ طه: 120]
وقال عز وجل:
{ قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ (1) مَلِكِ ٱلنَّاسِ (2) إِلَـٰهِ ٱلنَّاسِ (3) مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ (4) ٱلَّذِی یُوَسۡوِسُ فِی صُدُورِ ٱلنَّاسِ (5) مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ (6) } [سُورَةُ النَّاسِ: 1-6]
وقال الله تعالى:{ ٱلَّذِینَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُوا۟ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ (173) فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلࣲ لَّمۡ یَمۡسَسۡهُمۡ سُوۤءࣱ وَٱتَّبَعُوا۟ رِضۡوَ ٰ⁠نَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِیمٍ (174) إِنَّمَا ذَ ٰ⁠لِكُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ یُخَوِّفُ أَوۡلِیَاۤءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ (175) }
[سُورَةُ آلِ عِمۡرَانَ: 173-175]
وقال الله العلي العظيم:{ وَإِمَّا یَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّیۡطَـٰنِ نَزۡغࣱ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ سَمِیعٌ عَلِیمٌ (200) إِنَّ ٱلَّذِینَ ٱتَّقَوۡا۟ إِذَا مَسَّهُمۡ طَـٰۤائفࣱ مِّنَ ٱلشَّیۡطَـٰنِ تَذَكَّرُوا۟ فَإِذَا هُم مُّبۡصِرُونَ (201) } [سُورَةُ الأَعۡرَافِ: 200-201]
هذا وأن القرآن الكريم ينسب دائما الوسوسة للشياطين أو للنفس الأمارة بالسوء،كما ينسب البشارة للملائكة والرسل عليهم السلام، والنميمة والوشاية كسلوكين قريبين من الوسوسة للبشر،..ونبي الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام يقول:"لا يدخل الجنة نمام" رواه مسلم.
والنميمة هي أخبار تحمل في طياتها شحنات من إفساد العلاقات وإثارةالقطيعة والفتن والعداوة ولو كانت في ظاهرها جميلة براقة. والوشاية هي اتهامات وشكايات لا تستند إلى أي أساس ومجردة من حجج وأدلة.
 ولولا التقييد بالإذن الإلهي ووضع حدود لسلطتهم لأحرق الأشرار الأخضر واليابس،والحمد لله مهما كان شرهم مستطيرا،فلا يلحق أذاهم أهل التوحيد والإخلاص الذين يحافظون على صلواتهم في وقتها ويواظبون على قراءة القرآن والأذكار المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،لكن على انفراد ومع الخشوع من أجل التحصين وتحصيل الطمأنينة والطاقة الإيجابية،إياك ثم إياك وأوراد ورقى بعض الأقوام!فإنها تجعلك مستباحا لا محصنا ومحروما لا مأجورا..
علما أن أعلى مرتبة في هذا الهرم السحري هي الساحر المتأله في الأرض كفرعون والنمرود، وكذا حركات كونية غامضة،وهي منظمات سرية لا زالت موجودة إلى اليوم،وخاصة مهندسي هذه الحركات الذين يتربعون في قمة الهرم، وهي درجة التحكم والسيطرة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وفي القرآن الكريم:
{ أَمۡ عِندَهُمۡ خَزَاۤئنُ رَبِّكَ أَمۡ هُمُ ٱلۡمُصَۣیۡطِرُونَ (37) أَمۡ لَهُمۡ سُلَّمࣱ یَسۡتَمِعُونَ فِیهِۖ فَلۡیَأۡتِ مُسۡتَمِعُهُم بِسُلۡطَـٰنࣲ مُّبِینٍ (38) }
[سُورَةُ الطُّورِ: 37-38]
لكنها في ذات الوقت محفوفة بالمخاطر،ومن أهمها عقاب الله تعالى الذي يحل عندما يبلغ الطغيان  ذروته ويتعدى الترف والفساد حدودهما.وعندما يطغى البشر يطغى كل شيء حوله.
قال الله الكريم:{ وَإِذَاۤ أَرَدۡنَاۤ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡیَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِیهَا فَفَسَقُوا۟ فِیهَا فَحَقَّ عَلَیۡهَا ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَـٰهَا تَدۡمِیرࣰا }[سُورَةُ الإِسۡرَاءِ: 16]
وقال عز وجل:
{ ٱذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ (17) فَقُلۡ هَل لَّكَ إِلَىٰۤ أَن تَزَكَّىٰ (18) وَأَهۡدِیَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ (19) فَأَرَاهُ ٱلۡـَٔایَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰ (20) فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ (21) ثُمَّ أَدۡبَرَ یَسۡعَىٰ (22) فَحَشَرَ فَنَادَىٰ (23) فَقَالَ أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ (24) فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡـَٔاخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰۤ (25) إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَعِبۡرَةࣰ لِّمَن یَخۡشَىٰۤ (26) )} [سُورَةُ النَّازِعَاتِ: 17-26]
،،قال سبحانه:((أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ۝  إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ ۝  ٱلَّتِی لَمۡ یُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ۝  وَثَمُودَ ٱلَّذِینَ جَابُوا۟ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ ۝  وَفِرۡعَوۡنَ ذِی ٱلۡأَوۡتَادِ ۝  ٱلَّذِینَ طَغَوۡا۟ فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ۝  فَأَكۡثَرُوا۟ فِیهَا ٱلۡفَسَادَ ۝  فَصَبَّ عَلَیۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ۝إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ). سورة الفجر
وقال الله عز وجل:(( (۞ ٱحۡشُرُوا۟ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ وَأَزۡوَ ٰ⁠جَهُمۡ وَمَا كَانُوا۟ یَعۡبُدُونَ ۝ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهۡدُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰ⁠طِ ٱلۡجَحِیمِ۝وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ ۝ما لَكُمۡ لَا تَنَاصَرُونَ ۝بَلۡ هُمُ ٱلۡیَوۡمَ مُسۡتَسۡلِمُونَ ۝ وَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ یَتَسَاۤءَلُونَ۝قَالُوۤا۟ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَأۡتُونَنَا عَنِ ٱلۡیَمِینِ۝قَالُوا۟ بَل لَّمۡ تَكُونُوا۟ مُؤۡمِنِینَ۝وَمَا كَانَ لَنَا عَلَیۡكُم مِّن سُلۡطَـٰنِۭۖ بَلۡ كُنتُمۡ قَوۡمࣰا طَاغِینَ ۝ فَحَقَّ عَلَیۡنَا قَوۡلُ رَبِّنَاۤۖ إِنَّا لَذَاۤئقُونَ۝فَأَغۡوَیۡنَـٰكُمۡ إِنَّا كُنَّا غَاوِینَ ۝فَإِنَّهُمۡ یَوۡمَئذࣲ فِی ٱلۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ۝إِنَّا كَذَ ٰ⁠لِكَ نَفۡعَلُ بِٱلۡمُجۡرِمِینَ ۝ إِنَّهُمۡ كَانُوۤا۟ إِذَا قِیلَ لَهُمۡ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ یَسۡتَكۡبِرُونَ)
[سورة الصافات 22- 35]
{ ۞ وَقَالَ ٱلَّذِینَ لَا یَرۡجُونَ لِقَاۤءَنَا لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡنَا ٱلۡمَلائكَةُ أَوۡ نَرَىٰ رَبَّنَاۗ لَقَدِ ٱسۡتَكۡبَرُوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ وَعَتَوۡ عُتُوࣰّا كَبِیرࣰا (21) یَوۡمَ یَرَوۡنَ ٱلۡمَلَـٰۤئكَةَ لَا بُشۡرَىٰ یَوۡمَئذࣲ لِّلۡمُجۡرِمِینَ وَیَقُولُونَ حِجۡرࣰا مَّحۡجُورࣰا (22) وَقَدِمۡنَاۤ إِلَىٰ مَا عَمِلُوا۟ مِنۡ عَمَلࣲ فَجَعَلۡنَـٰهُ هَبَاۤءࣰ مَّنثُورًا (23) }[سُورَةُ الفُرۡقَانِ: 21-23]
وقال الله تعالى:
{ فَذَرۡهُمۡ حَتَّىٰ یُلَـٰقُوا۟ یَوۡمَهُمُ ٱلَّذِی فِیهِ یُصۡعَقُونَ (45) یَوۡمَ لَا یُغۡنِی عَنۡهُمۡ كَیۡدُهُمۡ شَیۡـࣰٔا وَلَا هُمۡ یُنصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ عَذَابࣰا دُونَ ذَ ٰ⁠لِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ (47) وَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعۡیُنِنَاۖ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ حِینَ تَقُومُ (48) وَمِنَ ٱلَّیۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَإِدۡبَـٰرَ ٱلنُّجُومِ (49) }[سُورَةُ الطُّورِ: 45-49]
بل قد يكون الشخص ماكرا خداعا ظالما مجرما مشركا نماما منافقا  فاجرا فاسدا فيحتل هذه المرتبة ولو لم يكن ساحرا بالفعل حسب المفهوم الشعبي،فيكون هناك في هذه الحالة تعاقد ضمني مع الشياطين.
وفي قمة المتألهين في الأرض (المسيطرين) يتربع سيدهم إبليس اللعين،وهو الذي يحث على خدمة أجندته،ويخطط لإغواء عباد الله ،ويبتهج بأوليائه الملاعين الذين يمدهم بالطاقة السلبية وحبائل التضليل،بل يقوي بهم وساوسه في افق سيطرة الطاغوت المطلقة على الأرض،وتوسيع إمبراطوريتهم إلى أبعد حدود، وقد جاء في القرآن الكريم:((قَالَ فَبِمَاۤ أَغۡوَیۡتَنِی لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَ ٰ⁠طَكَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ ۝  ثُمَّ لآتِیَنَّهُم مِّنۢ بَیۡنِ أَیۡدِیهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَیۡمَـٰنِهِمۡ وَعَن شَمَاۤئلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَـٰكِرِینَ)[سورة الأعراف 16 - 17]
وأما أدنى درجة فهى صاحب الأعمال السفلية كالجرائم والأسحار وصنائع السوء...ويقصد عادة بالسحر السفلي ذلك النوع الذي يحرسه ويخدمه الروحانيون السفليون أو الأرضيون،وهو في الغالب من أعمال الأميين والأميات..
كما يقصد بالسحر العلوي ذلك النوع الذي يتم فيه إرضاء ملوك الجن المردة مثلا..هذا وغالبا ما يستخدم صاحب هذا السحر الطاقة المستمدة من الشياطين والروحانيين دون حاجة إلى أشياء أأو مواد كيميائية أو طقوس علنية،،والله تعالى أعلى وأعلم وأرحم وأكرم ،،،،أستغفر الله العظيم..وحسبنا الله ونعم الوكيل.
-جمع المعلومات عن المستهدف المفترض ومعرفة ثغراته ونقط ضعفه لاستغلالها واللعب عليها إما مباشرة أو من خلال المحيط القريب أو من خلال القرين الشيطاني كالزوجة الجاهلة الغبية ...،فيأتيه من الجوانب التي يكون مهووسا بها كالعقارات والسيارات والكنوز والتحف القديمة وكتب نادرة والتأشيرات..،فإذا كان مولعا بالعقارات أتاه منها ..وهكذا.
-التظاهر بمرض أو عاهة أو يتم أو عسر حيث تسمع الآهات وترى العاهات،دون أن يكون ذلك حقيقيا ،وإنما لدغدغة المشاعر وإثارتها.
-توظيف اللغة الراقية وانتقاء العبارات المؤدبة والمؤثرة والمناسبة لكل مقام،حيث يكون كل لفظ ذا حمولة مدروسة ومقصودة في أحيان كثيرة يقدم الضحية نفسه متحدثا باسم شركة أو إدارة أو وزارة أو أية جهة أخرى عمومية أو خصوصية،مما يضفي على كلامه نوعا من المصداقية.
-الظهور بمظهر جذاب من شأنه أن يبدد الشك حوله،كبدلة فاخرة وسيارة فارهة ولحية كثيفة وجلباب ثمين والإقامة بفندق مصنف ... 
-استغلال بعض الأوضاع التي تجمعه بالنافذين كالمصافحة والمحادثة والقرابة وصور حقيقية أو مزيفة  ليوهم الغير بمعرفته لهم وصلته بهم.
-من أجل أن تكون السلعة رائجة فلا بد من أن تشتد حاجة الناس إليها،وعلى هذا الأساس يلجأ البعض إلى خلق هذه الحاجة وتضخيمها عن طريق افتعال الأزمات والتهويل بالجن والعين والتابعة وتضخيم شأن السحر وغير ذلك....لكن الإشكال يطرح أساسا في حالة ترويج الوهم والشر والشرك،وذلك كشأن بعض السحرة والمشعوذين والدجالين والمضاربين والمغالين والمرابين والانتهازيين والاحتكاريين..
-اعتماد عقود الغرر كبيع شيء وهمي أو مجهول أو شيء موصوف غير دقيق الوصف،أو توقيع شيك على بياض،أو الإقراض بدون كتابة،أو تسويق هرمي وشبكي،وهي عقود محظورة في الإسلام،لأنها مبنية في أصلها على الخداع والغموض والمقامرة .
-يلاحظ أن بعض النصابين يتقن فن التمثيل والتمويه سواء كان بمفرده او كان ضمن مجموعة، فيؤدي دور الشخصية أو الصفة التي تقمصها بإحكام.
-التدين الزائف وهو التمظهر بسمات الصلاح والتقوى،كاللحية والسبحة والمصحف في اليد والتهليل على اللسان ... مما يمكن النصاب بالتالي من خداع الناس وكسب ثقتهم  والوصول إلى أموالهم .وهنا ذكر لي صديق ما تعرض له من خداع،ذلك أنه يرى شخصا يصلي دائما في الصف الأمامي بالمسجد،لكن ما إن حصل منه على قرض مهم بدون أية وثيقة حتى اختفى عن الأنظار ولا يراه إلاقليلا،ولما طالبه بالدين عند حلول أجله أنكر وتنكر.
أستغفر الله العظيم وهذا نادرا ما يحصل،لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا رأيتُم الرجل يعتاد المساجدَ فاشهدوا له بالإيمان"رواه أحمد والترمذي وغيرهما.ومن شهدنا له بالإيمان شهدنا له بالاستقامة والصلاح،لكن الله تعالى ينبه المؤمنين إلى ضرورة توثيق الديون بالكتابة فقال سبحانه:"يا أيها الذين ءامنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه..."(البقرة/...).
-المطلوب عادة في الأمور أن يتحلى المرء بالروية والتأني ولا يستنكف عن الاستشارة قبل الإقدام على أمر مهم.جاء في الحديث النبوي:"ما خاب من استخار ولا ندم من استشار"(...)،لكن قد تصادف من يحثك على التسرع والتكتم والمخاطرة والمقامرة لتبقى مرفوعا حتى تتم الصفقة وتنجح الخطة،كما يقول المثل الشعبي:"استعينوا على قضاء حوائجكمو بالكتمان"ويقال كذلك:"ضرب الحديد ما حدو سخون"
-الإغراء بالربح السريع والحظ السعيد والكنز والصفقات الوهمية والتأشيرات والثراء والكسب السريع والتوظيفات وعقود العمل والشراكات....ذلك أن الجشع يعمي البصيرة ويسيل اللعاب،حتى أنه يبذل القليل من أجل الكثير كما في حالة القمار،مما يجعل الطماع لقمة سائغة للنصاب.
*استغلال نقط ضعف الآخر ومحاولة تحسيسه بالضعف ليكون لقمة سائغة، ويسهل بالتالي ابتزازه وانتزاع مكاسب غير مشروعة منه.
**يدعي البعض أن النصابين يستخدمون الطرق السحرية للسيطرة على الإرادة وتوجيهها حسب مبتغاهم،وهذا صحيح إذا قصد بهذا السحر التأثير على العقل الباطن بالإيحاءات أو تم استعمال مواد كيميائية أو أوادوية معينة أو طرق ملتوية محبوكة بذكاء خارق، أو الكلام المعسول أو الجارح أو البهتان وغير ذلك مما يصدر من عدو متربص يضمر لك الشر،وكذا كلام الغيبة والنميمة والسخرية والكلام اللا معقول واللا منطقي والشرك والدجل والشائعات والتناقضات وحبائل إبليس لعنه الله عز وجل..وغير ذلك من السحر والشعوذة  وكل ما يدمر الأفراد والشعوب.
-الشيخوخة أو كبر السن  تبعث على الوقار والاحترام،فتقول:هذا في سن جدي! !،لكن البعض يستغل هذه الشيخوخة لكسب الثقة بل واقتراف السوء.
* تمايل بعض النساء وإبداء بعض زينتهن بقصد التأثير على شخص، ثم استغلاله ماديا بدون وجه حق،وخاصة عندما يتعلق الأمر بمصاب بالكبت، علما أن السحت والسحر والشهوات المحرمة من جنود إبليس ..
-توظيف الكلام المعسول وإظهار الحرص على مصلحتك،وإشعارك بالأمان،وقد يسب المحتال اللصوص ويلعن  النصابين وهو منهم.وفي مثل هذا السياق أورد أحمد شوقي  رحمة الله عليه قصيدته المشهورة وهي:
برز الثعلب يوما // في ثياب الواعظين.
فمشى في الأرض يهذي//ويسب الماكرين.
ويقول:الحمد لله//إله العالمين.
الحمد لله توبوا//فهو كهف التائبين
تتمة القصيدة

المطلب III:أهدافهم ودوافعهم:
لا شك أن هناك أهدافا ودوافع تكون كلها خلفية سوداء ومظلمة للنصب،ويمكن إجمالها فيما يلي؛
💥في أول وهلة يبدو لك أن الهدف من وراء النصب هو الحصول على لقمة العيش بالنظر إلى صعوبة الحصول عليها بالطرق المشروعة وبالنظر إلى ما يعيشه البعض من عسر وعوز وبطالة ،لكن ما ينبغي أن تعرفه هو أن أغلب حالات النصب  يحضر فيها الجشع والرغبة في الإثراء والرفاهية، ويكون وراءها في الغالب نافذون، إذا تعلقت بعمليات كبرى،وذلك لأن في اعتقاد أصحاب الطمع والنصب أن الغاية تبرر الوسيلة.
فالقاعدة التي تقول الغاية تبرر الوسيلة غير صحيحة بإطلاق، بل لا بد لصحتها من قيدين:   
 القيد الأول: أن تكون الغاية مشروعة لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.   
 القيد الثاني: أن يكون ضرر الوسيلة المحرمة التي توصل إلى تلك الغاية المشروعة أقل من مصلحة الغاية المتحققة بها لا أكثر ولا مساويا، فإذا تحقق هذان القيدان في هذه القاعدة صارت مساوية لقاعدة: إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما. 
أما إذا كانت الغاية والوسيلة متساويتين في المفسدة؛ فهنا تأتي قاعدة أخرى وهي: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. أو قاعدة: الضرر لا يزال بمثله أو بأعظم منه، مثال ذلك حرمة الإقدام على قتل شخص لحفظ نفس شخص آخر. لأنه ليست نفسه بأولى من نفس أخيه ، وهذه المسائل دقيقة، والذين يحددونها هم الراسخون في العلم، ولذلك قيل: ليس الفقه معرفة الحلال من الحرام فقط، ولكن الفقه هو معرفة خير الخيرين فيرتكب أعلاهما وشر الشرين فيرتكب أخفهما.
💥الحسد من أخطر أمراض القلب،فهو يجعل صاحبه يتمنى زوال نعمة الغير وانتقالها إليه، مستعملا وسائل غير مشروعة كالنصب،وقد يرى أنه الأحق بتلك النعمة من أخيه،وانه المستحق الذي سيحسن التصرف فيها،مما يولد انطباعا بالاحتقار ويوقد نوازع الشر عنده.بل تشتد شراسته أكثر عندما يرى نفسه ذكيا ومع ذلك كان معدوما بخلاف غيره.
💥في بعض الحالات ينتقل أو يضيع منه الحق لسبب مشروع أو غير مشروع،فتسول له نفسه الأمارة بالسوء الانتقام وأخذ الثأر لا سترداد الحق بطرق ملتوية.
💥إذا اختلت موازين القيم فأصبح البعض يعتقد أن كل من يملك الثروة قد حصل عليها بسبب غير مشروع،من قبيل القمار والسطو والرشوة والكنوز و..فضلا عما يشاع عبر وسائل الإعلام  من أخبار الاختلاس وسوء توزيع الثروة ،،فلا يمكن لهذا الاختلال وهذا الاعتقاد إلا أن يكرسا المزيد من النصب،فلا المقاربة التربوية ولا المعالجة الأمنية  توقفان زحفه الكاسح.
✳️تقديس المصلحة الشخصية وتسخير كل الإمكانيات من أجل تحقيقها وخدمتها ولو على حساب المصلحة العامة،ولو اقتضى الأمر استهداف مصالح الآخرين والتسبب لهم في المعاناة.
المبحثIII:  التحذير وسبل الوقاية منه.
  لا أحد منا-نحن البشر-يحب النصب،لأنه صفة ذميمة ورذيلة خبيثة،حيث يشتكي منه صاحبه كما تشمئز منه ضحيته،لذلك وجب اتخاذ قرار بالتخلي عنه وما يفضي إليه من حرص وجشع.قال الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقلل من أهمية الطمع في متاع الدنيا:"ما كان لابن آدم واديان من ذهب لأحب أن يكون له ثالث،ولا يملأ جوف اب آدم إلا التراب"(...)
 ولا بد كذلك  من قرار التحلي بالقناعة والرضا بما قسم الله لنا من الرزق الحلال،فلا يظن أحدنا أن الثروة أو المال هو كل شيء،وإنما الجشع بمثابة سم زعاف يسري في الجسم وينتج أعراضا مثل النصب والنفاق والرياء،وقليل منا من يعرف ويحس بغنى النفس الذي هو دواء للجشع ،قال رسول الإسلام الكريم:"ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس"(رواه الترمذي)،وكان يقول في دعائه:"اللهم أني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى)  رواه مسلم;
وجاء عن الماوردي قوله:"والقناعة قد تكون على ثلاثة أوجهٍ::
*فالوجه الأول: أن يقنع بالبلغة من دنياه،ويصرف نفسه عن التعرُّض لما سواه.وهذا أعلى منازل القناعة 
*والوجه الثاني: أن تنتهي به القناعة إلى الكفاية، ويحذف الفضول والزيادة. وهذه أوسط حال المقتنع. 
*والوجه الثالث: أن تنتهي به القناعة إلى الوقوف على ما سنح، فلا يكره ما أتاه وإن كان كثيرًا، ولا يطلب ما تعذَّر وإن كان يسيرًا. وهذه الحال أدنى منازل أهل القناعة؛ لأنها مشتركةٌ بين رغبةٍ ورهبةٍ. أما الرغبة فلأنه لا يكره الزيادة على الكفاية إذا سنحت. وأما الرهبة؛ فلأنه لا يطلب المتعذر عن نقصان المادة إذا تعذرت" (أدب الدنيا والدين: [126-127]).
على أن الخير كل الخير فيما رزقك الله من الحلال،فهو الذي ينفعك ويقيك،ولا تنظر إلى ما عند غيرك، فهو فتنة لا منفعة ولا خير فيه.قال جل جلاله:
"وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ." (131/طه)
ونحن نعلم أن الحلال هو ما حصل عليه المرء بالطرق المشروعة،وما دون ذلك فكسب حرام لا بركة فيه،بل يعاقب صاحبه ويرد دعاؤه ويسوء حاله،وتحل عليه النقم وتنفر منه النعم.فكم من درهم حرام حُرم به الإنسان دراهم من الحلال، ولو تعفف العبد عن الحرام وقنع بما كتب الله له من الحلال لفتح الله عليه من أبواب رزقه ما يكفيه ويغنيه، فإنه -تعالى- قد أخذ على نفسه ذلك، فقال: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)الطلاق: 2-3]
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه آله وسلم-: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [المؤمنون: 51] وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)[البقرة: 172] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك"
[رواه مسلم والترمذي].
علما أن المال الحرام مال قذر لا يمكن أن يكتسب الشرعية إلا من خلال ميزان العدل إن أقيم في الدنيا،وإلا فإن جميع الحقوق ستعود إلى أصحابها في الآخرة،فلا تأسف أيها المظلوم ولا تحاول استرداد حقوقك بظلم آخر،فسوف تنصف يوم توضع الموازين القسط،وإنما عليك أن تدفع الظلم وتسعى لتحقيق الحق بالطرق المقبولة شرعا،فإذا أجدت نفعا فذاك،وإلا فهناك بعض النفوس الطيبة التي لا تحب أن تؤذي الآخرين، حتى في ظل الظلم الذي عاشه أصحابها،حيث تجدهم يحاولون أن يكسبوا الأجرين: أجر الصبر والاحتساب  وأجر التوقف عن الشعور بالغضب،مع الدعاء للظالم بالهداية، وهذا ما يرفع المؤمن إلى الدرجات العلا، وهذا هو التمثيل الحقيقي للإسلام على الأرض، فالمسلم لا يحمل في قلبه الضغينة مهما كان الظلمُ كبيراً، ولا بدّ أن يتصور الشخص أنه قد يقع ضحية لظلم الآخرين، ولا بد من المسامحة والتوكل على الله في استرداد الحق المسلوب..
ولكن لا بد من التذكير بأن النصابين والدجالين والمفسدين إنما يريدون أن يتركوا وشأنهم فلا يفضحون،فذلك ما يخدم مصلحتهم ويجعلهم يتمادون في طغيانهم يعمهون،وتجدهم يسعون لتلميع صورتهم بالحق والباطل،بل يستأجرون من يقوم بذلك.
الخاتمة:
لا تعتقد-أيها القارئ الكريم-أنني أشوش على الثقة وأدعو إلى العدمية ونبذ الطموح،بل لك أن تطمح إلى أبعد حدود،ولك أن تركب المخاطر دون تهور وثقة عمياء،وتأتي كافة الوسائل المشروعة لتحقيق طموحاتك المعقولة والمقبولة والمشروعة،لكن مع خطى ثابتة واحتياطات ضرورية،بحيث تكون على بينة من أمرك وأنت تعرف حيث تضع قدمك..فلا تخدعك المناصب والمراتب وتلك المظاهر،فإنها تخفي ما تخفي،وإنك-إذا كنت في غابة-لا تدري ما تخفي الأدغال وما خلف الأكمات والكتبان والتلال.لا إله إلا الله محمد رسول الله.
Hassan حسن.
المراجع: