ديداكتيك
إن هذه ورقة أولية تحاول مقاربة المسألة بمقترحات عملية قابلة للتطوير والتعديل,وذلك عبر محورين:
المحور الأول:توظيف الوضعية المشكلة في مادة التربية الإسلامية...لماذا؟
نرى أن مطلب توظيف الوضعية-المشكلة في مادة التربية الإسلامية يرتكز على ثلاثة أسس:
1-الأساس التصوري:
إذا علمنا أن المعرفة في الإسلام مرتبطة دائما بما تحقق من أثر عملي يخدم مصلحة الإنسان في عاجله وآجله,تبين أن الكفايات المقصودة في مادة التربية الإسلامية يجب أن تلتزم المنهجية المناسبة المحققة للمقاصد الكبرى للمعرفة في الإسلام,ومن ثم كان أنسب المنهجيات في التدريس هي منهجية التدريس بالوضعية-المشكلة.
إنها تحمل المتعلم على اكتساب المعارف الإسلامية كسبا متيسرا وفعالا,تجعل المعارف والقيم شأنا ذاتيا,وتهدم الهوة المفتعلة أو النفاقية بين الاعتقاد والعمل,وتبعد الوهم الشائع عن الدين في كونه ذا مطالب مثالية لايستطيع تطبيقها إلا القليل من الناس وفي ظروف معينة وخاصة.إن التربية على قيم الإسلام وعقائده الربانية تجاه الإنسان والكون والحياة لا تثبت فعاليتها إلا إذا صارت سلوكا أو عادة ذات طابع شخصي.ولا يتم هذا النقل التربوي إلا عبر مرحلة التطبع أو التكلف حيث يحمل فيها الإنسان على الالتزام بالقيمة تصورا ووجدانا وسلوكا,وحيث يذوق لذتها ويحمد غبها,ويلمس إمكان أن تكون جزءا من شخصيته لا تكمل إلا بها.ولعل هذا ما يشير إليه قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما العلم بالتعلم"
وعلى هذا يتأسس مطلب التدريس بمنهجية الوضعية المشكلة بهدف امتلاك الكفايات الممتدة والنوعية المستهدفة من مادة التربية الإسلامية.
2-الأساس البيداغوجي:
لقد أصبح معلوما ومقررا أن مدخل الكفايات خيار أساس في البناء التعليمي بالمدرسة المغربية,ولا يخفى أن هذا ناتج عن التأثر منتجات الخبرة التربوية الأوروبية التي استمدت هذا المفهوم بدورها من أدبيات المقاولة.
إن مقصود التربية الإسلامية هو أن يكتسب المتعلم ما يفترض أن يبني شخصيته المتكاملة في مستقبل حياته المهنية أو الجامعية.والتلميذ عندما يبني معارفه ويكتسب كفايته ذاتيا عبر بيداغوجيا الوضعية-المشكلة يكون أقرب إلى امتلاك الأهلية الكافية والقابلة للنمو في مواجهة وضعيات متجددة,لأننا قد لانضمن بقاء المعلومات كاملة,ولكن قد نضمن إلى حد كبير ترسيخ الكفاية والأهلية الاستراتيجية لاتخاذ المواقف,سواء منها الكفايات الممتدة أو النوعية.
إن الوضعية المشكلة تحشر المتعلم في غمار المهمة التي يحس خلالها بأنها جزء منه,يستدعي لها كل طاقته لمحاولة الإنجاز.إنه يقتنع أن المعرفة ليست أمرا خارجا عن ذاته ينتظر أن يتلقاها جاهزة من خبير أكثر منه علما أو سنا,وإنما منبعها الأصلي من ذاته هو,وأن عليه فقط استكشافها واستثمارها في الظرف الخارجي الضروري الذي هو الوضعية المشكلة.
المحور الثاني:كيف نوظف الوضعية المشكلة في درس التربية الإسلامية؟
أولا:الوضعية المشكلة وعلاقتها بالكفايات.
الوضعية المشكلة هو عبارة عن ترجمة أو تعريب لأصله الفرنسيla sitution probleme ويعرفه فليب ميريو philipe merieu الذي كان صاحب السبق في تشهير هذا المفهوم بأنه:"وضعية ديداكتيكية يتعرض خلالها المتعلم إلى مهمة لا يمكن أداؤها إلا بتعلم محدد,هذا التعلم الذي يبني حقيقة هذه الوضعية-المشكلة,ويسعى لإزالة العائق أثناء تحقيق المهمة".كما تعرف أيضا بكونها:"وضعية للتعلم يوضع فيها المتعلم أمام لغز(عائق)لا يمكن حله إلا بتعديل تمثلاته أو باكتساب كفاية كان يفتقدها",فهي طريقة في التعلم تحمل التلميذ على تحمل مسؤوليته في بناء التعلم,وهو يسعى لتجاوز العائق بعد أن أحدث له رجة على مستوى تمثلاته ومعارفه,وفرض عليه أن يعبئ مكتسباته من الكفايات أو يكتسب كفايات كفايات جديدة,وأن يدمج تعلماته بشكل تلقائي ومنظم بهدف إنجاز المهمة.
[الأستاذ أحمد عروبي لمجلة تربيتناع6/7]
حمل مقاربة الكفايات بصفة عامة للدكتور عبد اللطيف الفاربي من هناHERE