الطغيان كما ورد في القرآن.
**الطغيان ليس مجرد رذيلة تسيء إلى صاحبها وتكدر صفو حياته وتجلب إليه المهالك،بمعنى أنها ينطوي على مساوي ذاتية فقط ،وإنما هو رذيلة اجتماعية تتعدى آثارها السيئة إلى الآخرين وتنعكس تجلياتها برمتها عليهم، بل لا يبرز معنى الطغيان الحقيقي إلا عندما يتسلط الطاغي عليهم ويسومهم سوء العذاب.لذا فهو قرين الظلم والعصيان والتمرد على الله والديكتاتورية.
**الطغيان لغة من طغى يطغى بمعنى الغلو وتجاوز الحد المعقول. وقد ورد الطغيان في القرآن الكريم تسعة عشرة مرة تقريبا فهو يرد بمعنى الإسراف في العصيان والتمرد على الله والتمادي في الكفر والضلال والاستكبار على الخالق ومجاوزة الحد في الظلم والبغي.
**ويتجلى غالبا في التكبر على الله والاستغناء عنه والتطاول عليه، وإيثار الحياة الدنيا على الآخرة، والمجاهرة بالاستبداد والأنانية والظلم والإفساد في الأرض، ولاستهزاء بآيات الله وبالمؤمنين، كما يتجلى في الاغترار بالحسب والنسب، واحتكار المال والسلطة مع الشطط في استعمالهما.
وهو في الحقيقة لا يستهدف الإنسان فقط،وإنما يستهدف الأرض وخيراتها،والبيئة وسلامتها .
**ومن هنا يدفع الطغيان صاحبه إلى إنكار الحق والتعصب للباطل وتكذيب رسل الله، وادعاء الربوبية واستعباد الناس وإذلالهم، وممارسة البطش والجبروت والتنكيل بهم لفرض الاحترام والمواقف قسرا لا إقناعا.وقد قال الله تعالى عن فرعون باعتباره أكبر طاغ عرفته الكرة الأرضية بسبب القوة والسلطة في سورة النازعات: "فكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25)، وقال جل وعلا عن قارون وعاد باعتبارهما من الطغاة المستكبرين في الأرض بسبب المال والحسب والنسب في سورة القصص:"إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76).وقال جل جلاله في سورة فصلت:"فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15)
**وهذه آيات ورد فيها الطغيان في القرآن الكريم بالترتيب:
1-سورة البقرة(١٥) اللّهُ يَسْتَهْزىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِمي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)
2-سورة المائدة(٢٦) وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64).
3-سورة المائدة (٦٨) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)
4-سورة الانعام (١١٠) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110)
5سورة الاعراف (١٦٨)و مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186)
6-سورة يونس (١١)وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ.
7 -سورة الإسراءوَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَة الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا (60)
8-سورة الكهف (٨٠) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80)
9-سورة طه (٢٤) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)
10-سورة طه(٤٣)اذْهَبْا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43).
11-قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى (45)
12-وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75)
13-قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27)
14-(سورة النجم)مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)
15-وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52)
16-إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11)
17-(سورة النازعات) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17)
18- (سورة عبس) فَأَمَّا مَن طَغَى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى 37)
19-(سورة العلق) كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أن رآه استغنى (6)
**ومن طغى وطغى فقد وقع في بئر من العتو والعمه والحيرة لا يصعد من أعماقها،بل ضاع في صحراء من التيه والضلال لا يهتدي فيها سبيلا،وكان الجحيم مأواه إلا ما شاء الله الذي لاإله إلا هو،مصداقا لقوله سبحانه في سورة الاعراف:
"ومَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَنذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) وقوله سبحانه:
"فَأَمَّا مَن طَغَى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى "عبس/٣٧
المراجع:
المصحف الكريم
تفسير الجلالين
تفسير الطبري
تفسير القرطبي